يقظة الضمير
يحتاج النزول من الأبراج العاجية إلى نفوسٍ عالية تستشعر معنى العفو والتسامح، تلك النفوس التي تسمو بجمال الخلق وتسابق في أن تكون من الأخيار الصالحين مترفعةً عن كل الصغائر الدنيوية باحثةً عن العلوّ والارتقاء في ذاتها.
لقد اتخذت هذه النفوس بالتواضع طريقاً عمودياً لا أفقياًّ نحو السماء، ولم تسلك مسار الكبرياء الذي هو من صفات الجبابرة الذين يظنون أن الدنيا خالدة لهم وأن لهم فيها الفوز العظيم!
إن التجاوز والصفح من صفات النفس الكريمة التي تسعى للتكامل بإذابة الجليد المتجمد داخل أروقة الروح، وتطهير النفس من سمومها المتراكمة، فالتسامح قوة عظيمة لا يقدر عليها الضعفاء.
يفضي الصفح والعفو إلى السلام النفسي
والطمأنينة الداخلية، والسكون والسكينة الروحية، فهلا أبحرنا في أعماقنا لنجد لها طريقاً وسبيلاً نحو كل من أساء إلينا أو ظلمنا.
إنها لساعات تمر وأيام تمضي، وحتماً ستنتهي رحلتنا، ينتظرنا في نهاية مسيرتها كتاب كتبناه بأيدينا، غافل من لا يدرك هذه الحقيقة، ولا يتأمل ماهية حياته والحكمة من وجوده.
ولعلنا في هذا الأيام الكريمة نستشعر أهمية أن نقف على معاني القرآن الكريم عوضاً عن حصر قراءته في الأجر والثواب، وقرآننا الجميل زاخر بالآيات التي تحثنا على العفو والصفح.
قال تعالى:
﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ سورة آل عمران آية 134
كما أن كنوز أهل البيت ثرية وغنية بالدعوة الحثيثة إلى التسامح نذكر بعضاً منها لعلها تكون نوراً لنا ولكم:
عن الرسول محمد ﷺ: ”العفو لا يزيد المرء إلا عزا فاعفوا يعزكم الله“
وبدعاء الخير نختم:
”اللَّهُمَّ لَكَ صُمنَا بِتَوفِيقِكَ، وعَلَى رِزقِكَ أَفطَرنَا بِأَمرِكَ، فَتَقِبَّلهُ مِنَّا واغفِر لنَا إِنَّك أَنتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ“.