الوعي الاقتصادي
قال أمير المؤمنين : ”فَالْمُتَّقُونَ فِيهَا هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ: مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ، وَمَلْبَسُهُمُ الاقتصاد“ [1]
في ظل هذه الأوضاع حريُ بنا أن نعيد حساباتنا «الاقتصادية» وأن نفكر في مصروفاتنا وفي مدى احتياجاتنا من هذه الكماليات...
أثناء هذه الأزمة قام الكثير منا بتصفية لمقتنياته والتي منها الملابس القديمة التي لم نستخدمها إلا في مناسبة واحدة «خطوبة أو زواج»... حتى امتلأت صناديق الملابس المستعملة!! ومن يشاهد هذا المنظر يقول كم نحن مجتمع مترف...
وفي القرارات المالية الأخيرة «إلغاء بدل غلاء المعيشة، وزيادة نسبة القيمة المضافة 15%» تألمنا كثيرًا... ولكن الألم وحده ليس حلا...
إن الحياة بمتغيراتها الكثيرة، ومتطلباتها الجديدة، وأحداثها المتعاقبة، تدعونا جميعًا لنكون أكثر وعيًا، وفي كل المجالات والميادين الحياتية، فالوعي هو قمة ”النضج العقلي“ على الإطلاق [2] .
وفي سيرة الإمام علي العديد من التوجيهات التي تسهم في تنمية الوعي الاقتصادي، اقتطف منها هذه الكلمات:
قال الإمام علي : ”الاقتصاد نصف المؤنة“ [3]
الاقتصاد يشكل جانبًا مهمًا في حياتنا وهو يعني:
أن تكون متوسطًا في كل أمورك، على الاطلاق، عادلًا فيها غير مقصر فيها ولا مفرط.
أن تمارس عمليًا عملية الاقتصاد في حياتك، فتكون قادرًا على الاستثمار، وتكون نفقاتك بعيدة عن الاسراف، وعن التقتير في نفس الوقت.
أن تكون مستثمرًا جيدًا، وخاصة إذا كنت تعاني من ضيق مالي، وذلك بأن تجعل مصروفاتك أقل من وارداتك. [4]
قال : إذا أراد الله بعبد خيرا ألهمه الاقتصاد وحسن التدبير، وجنبه سوء التدبير والإسراف [5] .
يجب توعية أفراد الأسرة بهذا المفهوم، وضرورة الترشيد في الاستهلاك، لأن الاستمرار في الحياة الماضية المشبعة بالاستهلاك سترفع الفاتورة والتي ستؤثر على مجمل حياتنا.
ليكن كل فرد من أفراد الأسرة على وعي اقتصادي رصين: يشتري ما يحتاجه فقط، دون تحميل رب الأسرة تكاليف مالية صعبة.
قال : من اقتصد في الغنى والفقر فقد استعد لنوائب الدهر [6] .
عندما تكون مقتصدًا فأنت تمتلك نظامًا سليماً لتقليل صدمات الحياة وتحسين جودة حياة الاسرة، ويظهر ذلك جليا في أوقات الطوارئ المالية والأزمات غير المتوقعة.
وهذا يتطلب منك وضع خطة اقتصادية تعينك في الأزمات.
قال الإمام علي : غاية الاقتصاد القناعة [7] . وعنه : اقنعوا بالقليل من دنياكم لسلامة دينكم، فإن المؤمن البلغة اليسيرة من الدنيا تقنعه [8] .
القناعة صفة تقارب الاقتصاد في الأثر، وتقابله في المعنى، والفرق بينهما هو الفرق بين الخلق والسلوك، القناعة ملكة في الإنسان تكسبه الرضا بالقليل، والاكتفاء بما يسد الحاجة، والاقتصاد تنظيم المعيشة على ما تفرضه الحكمة وتدعو إليه الضرورة وأثر كل منهما اطمئنان النفس بما يحصل لها من القوت.
وتذكر هذه الحكمة الجميلة: ان تكون قانعا بالقليل شعور صعب جداً، وان تكون قانعاً بالكثير هو مستحيل، فتدرب على القناعة بأقل شيء.
قال : المؤمن سيرته القصد وسنته الرشد [9] .
ربما كان البعض يعيش فوضى اقتصادية عارمة طوال الفترة السابقة «مشتريات، كماليات،...»، لكن في ظل هذه الظروف ينبغي تطبيق قانون الانضباط الاقتصادي.
قد تكون البداية صعبة «التحول إلى العالم الجديد» إلا أن الوضع يحتاج إلى عزيمة ونية صادقة للتخلص من هذه الكماليات وتنظيم أمورك المالية.
فكن رشيدًا في الاستهلاك ولا تنجذب للعروض التسويقية.