آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

ماذا نفعل إذا رُفع الحظر؟

ماهي التوصيات والإرشادات التي من المفيد تطبيقها وممارستها بعد انفكاك الأزمة تدريجيا عند لقاء آخرين من بعض أفراد الأسرة أو بعض الأصدقاء أو بعض الناس في المنتزهات والأسواق وجهًا لوجه؟

والسؤال الآخر: كيف تتعامل الأسرة في البيت الواحد مع بعضها البعض بعد هذه الأزمة بطريقة سليمة؟

مقدمة

من الملاحظ بأن كلمة تخفيف أو رفع الحظر مؤقتًا - كليا أو جزئيا - تُترجم في سلوك الناس بأشكال مختلفة يوحدها الشوق الى العودة لممارسة الحياة اليومية بحرية أكثر وربما تتغلب مشاعر الشوق على مشاعر الحيطة والحذر.

الفترة الانتقالية من الحجر الى التخفيف حساسة جدا ويبدو طبيعيًا بأن يترك أو يتراخى الإنسان في الاستمرار في كونه حذرًا ويقظًا وذلك بالتهاون في الالتزام بالتعاليم والممارسات الصحية وعدم اتباع القوانين والإجراءات الصادرة من الجهات الرسمية.

سلوكنا يجب أن يكون كالمحارب على أرض المعركة الذي يلزم سلاحه ولا يضعه جانبا أو يغفل عنه لأن حرب فيروس كرونا لم تضع أوزارها بعد.

ينبغي علينا أن نتربص بفيروس كرونا الدوائر ونحتاط منه، لا العكس! وليس هناك معلومة يقينية عن توقيت تلاشي الخطر.

الأخبار التي سمعناها ولا زلنا نسمعها هي بأن الخطر قائم كما ذكرنا في مقال سابق - أثناء الحديث عن السيناريوهات الثلاثة المُحتملة وكل ذلك في غياب لقاح أو دواء ناجع «[1]» -.

فإذا ما أكتشف لقاح أو دواء فإن ذلك سيغير الكثير من المعادلة وخاصة في تسريع العودة الى الحياة اليومية.

التوصيات والإرشادات بعد انفكاك الأزمة تدريجيا

من الجيد أن نستمر في لبس الكمام وخاصة في الأماكن العامة والتي يكون فيها عادة أعداد كبيرة من الناس كالأسواق، والاستمرار في غسل اليدين بالصابون والماء والحفاظ على معادلة التباعد الاجتماعي.

لا زلنا نسمع عن حالات هنا وهناك كانت في فترة حضانة وبرزت الى السطح، وعلى الرغم بأن الحالات تقل وتتضاءل بفضل الجهود المبذولة من الناس والتزامهم المسؤول.

ومن الجيد أيضا تحري المعلومات الدقيقة من مصادرها الموثوقة عن الوضع الصحي في البلاد.

هناك رغبة جامحة عند معظم الناس الذين ضاقوا ذرعًا من جلوسهم في المنزل لمدة طويلة للخروج للتبضع في الأماكن التجارية أو للذهاب الى المنتزهات والمحلات العامة أو لزيارة الأقارب والأصدقاء، لا بد أن نقوم بعمل هذا بالتدرج وبحذر شديد.

فتوخي الحيطة والحذر لا بد أن يكون هو عنوان وسلوك مرحلة ما بعد الانفكاك التدريجي للأزمة.

لا زال هنا في أمريكا مخيفًا ومشاعرنا تتقلب بهدوء نسبي وسماع إحصائيات تتماشى مع أمنياتنا ولكن سرعان ما تتبدد عند سماع أن بيوت العجزة هذا في غير مكان قد اكتشفت فيه حالات انتقلت عن طريق عاملين فيه ولا ندري كم عدد الناس الذين خالطوا من هم مصابين وناقلين للعدوى من حيث لا يشعرون.

كثير من الولايات لا زال ينقصها العدد الكافي من أطقم الفحص الخاصة بفيروس كرونا، وأعتقد بأن الوضع متشابه في كثير من الدول حيث تعاني من عدم توفر أعداد كافية من أدوات الفحص والتي بناءً عليها نبني درجة الطمأنينة ”عالية أو ضعيفة“ وعلى أساسها نحدد نطاق تحركنا وتجولنا في المرحلة الحالية والقادمة.

عند لقاء أفراد الأسرة

وبكل شغف يرغب أفراد الأسرة في لقاء أعزائهم وأحبائهم ويتوقون لقضاء وقت معهم. لنتذكر بأن كبار السن هم أكثر عرضة للإصابة بالفيروس وخاصة من يعانون من حالات صحية تجعل جهاز مناعتهم أضعف.

لا بأس بقيام بالزيارات حينما يكون متاحا ولكن من الجيد تجنب العناق والتقبيل المعتاد في عاداتنا الشرقية الجميلة وخاصة حينما نزور الآباء والأمهات - - وهذا أمر بلا شك صعب علينا تنفيذه

في جريدة لوس انجلوس تايمز الصادرة يوم التاسع من مايو، 2020، كان هناك خبر عن تجمع أفراد أسرة كبيرة مع أصدقائهم في مدينة باسادينا في ولاية كاليفورنيا وذلك بمناسبة احتفال بعيد ميلاد أحد أفرادها، واتضح إن أحد الأفراد كان مصابا وأن العدوى انتقلت الى بعض الأفراد مما استدعى ذهاب كل من حضر للفحص ومن ثم الدخول في حجر لمدة أسبوعين.

مثل هذه الحالات قابلة أن تحصل في أي مكان وهي بالفعل تحصل وأفضل طريقة لمنع حدوثها هو الاستمرار بالالتزام بتعاليم التباعد الاجتماعي والممارسات الصحية من غسل اليدين بالصابون والماء.

عند لقاء الأصدقاء

ما يجب أن نعمله عند لقاء أفراد الأسرة ينطبق أيضا على ما يجب القيام به عند لقاءنا بالأصدقاء الذين افتقدناهم وحتى لو كان لنا لقاء معهم في العالم الافتراضي فلا شيء يعوض عن اللقاء المباشر، فالتركيز يجب أن يكون على الزيارة والاستمتاع بفرحة اللقاء ولكن مع مراعاة التباعد وتوخي الحذر خوفا على أنفسنا وعلى أصدقائنا.

الإغراء في تخفيف الحجر يحصل حينما تكون هناك زيارة أو أكثر وتمر الأمور بسلام فنشعر بعدها بالاطمئنان ونضع توخينا للحذر جانبا، مالا نعلمه هو أن الناس الآخرين الذين يلتقي أصدقاؤنا بهم ربما يكونون قد خالطوا شخصًا يحمل الفيروس من حيث لا يشعرون.

عند لقاء بعض الناس

طبعا درجة الحيطة والحذر لا بد أن تكون أعلى عند لقائنا بالناس في المخبز وفي السوق أو في الشارع، لأن الناس على درجات متفاوتة في التزامهم بتعليمات الوقاية الصحية وفي اتباع إجراءات الجهات المسؤولة فهناك المفرط والمتهاون والغير مكترث وهؤلاء هم من يجب أن نكون على حذّر أكبر منهم.

بعض الطرق السليمة لتعامل أفراد الأسرة مع بعضهم البعض بعد الأزمة

عبارة ”من بعد انتهاء الأزمة“ قد تعني على الأقل شيئين: أعداد الإصابة في نزول كبير وأن هدف تسطيح المنحنى قد تحقق. والاحتمال الآخر بأن المنحنى تم تسطيحه وإن لقاحًا ولربما دواءً ناجعُا قد أكتشف. فلكل من الاحتمالين توصيات لأفراد الأسرة.

التوصيات للاحتمال الأول تشمل بدرجة أولى وكبيرة الاستمرار في التقيد والالتزام بالتباعد الاجتماعي والطرق الأخرى التي اكتسبناها في فترة الحجر وأن نكون على حذّر ذكي ومعقول ولا سيما في غياب الأعداد الكافية من أطقم الفحص.

لا زالت المستشفيات هنا في أمريكا تعاني من نقص في عدد أطقم الفحص وكثير من المرضى الذين يرغبون في إجراء الفحص عليهم أن ينتظروا فترات طويلة أو الذهاب الى مدينة أخرى تتوفر فيها الأطقم. خلاصة هذا الجزء من التوصيات هي في التعامل مع المستقبل المجهول، بالحيطة والحذر إذ هما من أفضل أسلحة الوقاية.

أما إذا كان هناك لقاح مجرب ومؤكد الفعالية فهذا سيغير حساب التفاضل والتكامل ”calculus“ بشكل كبير وسيرفع من استعداد الناس للعودة بشكل كبير وبقلق قليل لمزاولة حياتهم اليومية.

المستقبل واعد والتفاؤل ضروري ولاسيما أن هناك جهودًا حثيثة منصبة على اكتشاف لقاح فعال ودواء قابل ليكون معتمد من قبل هيئة الغذاء والدواء وإن شاء الله ستتكلل هذه المساعي بالنجاح ولو بعد حين.

فالصبر الجميل سيأتي بنتائج إيجابية بعون الله تعالى.

رئيس سابق لقسم علم النفس التربوي في جامعة شمال ولاية أيوا بأمريكا، أكاديمي وباحث ومؤلف سعودي مقيم في أمريكا.