الإمام الحسن (ع)... بناء الطفل فكريًا
لعلك سمعت عن طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره ولكنه يمتلك قدرات عقلية جبارة، فهو متفوق في حل أعقد المسائل الرياضية دون الاستعانة بأي آلة حاسبة أو أجهزة الكترونية وفي فترة قياسية..
ولعلك شاهدت إحدى البرامج القرآنية التي تستضيف طفلاً يمتلك تلك الموهبة في حفظ القرآن الكريم، وقراءة الآيات القرآنية وتذكر أرقام الصفحات والآية التي تبدأ في الصفحة «الفلانية»... وهكذا...
في عالمنا يوجد العديد من الأطفال من ذوي المواهب الجبارة، لديهم قدرات فكرية جعلتهم في صفوف أساتذة الجامعات العالمية...
من سيرة الإمام الحسن نستوحي من هذه الفكرة ضرورة بناء الطفل فكريًا، وجعله يثق بقدراته ويفجر طاقاته، ليكون من عباقرة هذا العالم. من خلال بعض الشواهد من سيرته العطرة:
ولد الإمام الحسن في حياة جدّه الرسول الأكرم ﷺ وعاش في كنفه سبع سنوات وستّة أشهر من عمره الشريف، وكانت تلك السنوات على قلّتها كافية لأن تجعل منه الصورة المصغّرة عن شخصية الرسول حتى ليصبح جديراً بذلك الوسام العظيم الذي حباه به جدّه، حينما قال له: «أشبهت خلقي وخلقي» [1] .
وفي هذا البيت الرسالي تلقى الإمام الحسن أعظم الدروس التي تؤهله للدور القيادي الذي سيقوم به في توجيه الأمة وهدايتها.
ومن هذه التجربة نستوحي فكرة تربوية هامة تتمثل في أهمية البدء في تعليم الأطفال مبكرًا - بداية من شهورهم الأولى وحتى سن الالتحاق بالمدرسة - يساعدهم على اتخاذ قرارات اجتماعية سديدة في أثناء فترة المراهقة، وعلى الآباء المبادرة في تعليم الأطفال في عمر مبكر مما يجعلهم قادرين على التخطيط بصورة أفضل لمستقبلهم.
عندما يمتلك طفلك ثقة بنفسه فإنه سيتجاوز عقبات الفشل، وسيتسلق سلم الناجحين. لذلك عليك أن تخلق لطفلك المناخ المناسب لتعزيز ثقته بنفسه.
جاء عن أنس بن مالك أنّه قال: دخل الحسن على النبي ﷺ فأردت أن اُميطه عنه، فقال: «ويحك يا أنس! دع ابني وثمرة فؤادي، فإنّ من آذى هذا آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله» [2] .
هذه الحادثة تعلمنا أهمية التحدث مع الطفل بشكل إيجابي، وطرد كل العوامل التي من شأنها التقليل من شخصية الطفل. كما يجب أن يشعر الطفل بمكانته وقيمته داخل الأسرة. وهذا يعزز ثقته بقدراته ومن ثم يستثمرها بالشكل الإيجابي.
في حادثة المباهلة العديد من الدروس والعبر منها أن هذه التجربة توضح أن الأئمة الأطهار كانوا في حال طفولتهم في المستوى الرفيع الذي يؤهّلهم لتحمّل الأمانة الإلهية وقيادة الاُمّة قيادة حكيمة وواعية.
ولقد كان الحسنان «عليهما السلام» في أيّام طفولتهما الاُولى أيضًا في مستوى من النضج والكمال الإنساني بحيث كانا يملكان كافة المؤهّلات التي تجعلهما محلاً للعناية الإلهية [3] .
إن قوة المنطق والفكر الرصين الذي يتمتع به الطفل يرتبط بحجم التجارب التي حصل عليها الطفل خلال مسار حياته.
ولذلك علينا بمضاعفة تجارب الطفل في مختلف الميادين، وتشجيعه لممارسة أعمالا جديدة، والاطلاع على التجارب العالمية، ليكون ذو عقلية منتجة.
قال الإمام الحسن : ”التفكير حياة قلب البصير“ [4]
علينا أن ننمي صفة التفكير المتجدد، صفة التفكير الإبداعي، ونتجنب حشر ذهن الأطفال بالمعلومات، لأن المعلومات عرضة للتغيير.
كما علينا ألا نترك أطفالنا عرضة لتلقف المعلومات الجاهزة القادمة عبر الإنترنت والوسائط الإلكترونية المختلفة.
وأخيرًا: علينا إعداد أطفالنا بالمستوى الفكري المناسب لصناعة المستقبل الناجح، قال الإمام الحسن - لما دعا بنيه وبني أخيه -:
إنكم صغار قوم ويوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلموا العلم، فمن لم يستطع منكم أن يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته [5] .