آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

التضامن الانساني في مواجهة العنصرية

حسن آل جميعان *

تعرضت الفنانة الكبيرة حياة الفهد إلى انتقادات واسعة بعد تصريحاتها التي طالت فئة الأجانب أو المقيمين في دولة الكويت بعد تفشي وباء كورونا «كوفيد - 19»، بسبب شعور المتابعين لها ان التصريح الذي أدلت به يحمل نفس عنصري لا يليق بالفهد أولا، ولا بالإنسانية ثانيا هذا فيما يتعلق بالفنانة حياة الفهد. لكننا نجد ذات النفس يتجلى بعد كل اعلان عن عدد الحالات التي يصرح بها المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور محمد العبدالعالي في مجتمعنا لدى البعض سواء عبر بوستات سلبية على وسائل التواصل الاجتماعي أو أحاديث جانبية فيما بينهم أن أغلب الاصابات من الأجانب المقيمين على الأراضي السعودية والدلالة من هذا هو تنزيه الذات ورمي المشكلة على الآخر المتمثل في «الأجانب»، أليس هذا الشعور يحمل دلالات عنصرية لا يقل سوءا عن موقف الفهد اتجاه غير المواطنين الذين نشترك معهم في الانسانية والمصير الواحد؟

يبرز الشعور العنصري أكثر عندما يشعر الفرد أو المجتمع أو الأمة بخطر وجودي كما يحدث الآن بسبب أزمة كورونا، حيث نجد الأصوات تتعالى ضد فئة من الناس وصب جام غضبهم عليها مع أن هذه الفئة قد لا تكون مصدر التهديد أو الخطر، بل تجدها معرضة أكثر من غيرها للخطر كما يحدث للأجانب أو المقيمين، لكن عقدة التفوق على الآخر ويتمثل في هذه الجائحة بالأجنبي تنسينا أن سبب التهديد ليس هذا الأجنبي بل الفايروس الذي لا يفرق بين مواطن ومقيم في هذا البلد أو ذاك، لكن العنصرية وما تفعل لدى البعض.

أتصور أن العامل الثقافي هو من يعزز العنصرية وعقدة التفوق على الغير، وما العنصرية إلا انعكاس لهذه الثقافة المتضخمة التي تصنف وتميز بين الناس، قد تجدها في قالب طائفي وقد تجدها في قالب عرقي أو أثني وقد تراها على أساس جندري «ذكر/ أنثى»، كل هذا يبرز على السطح حينما يشتد الصراع بين هذه التقسيمات الاجتماعية، واما في هذه الأزمة فموضوع العنصرية هم الأجانب ولا شيء غيرهم حيث هم كل البلاء والشر الذي يهدد المجتمع مع أننا قبل هذه الجائحة نستفيد من خدماتهم الشيء الكثير لكننا الآن نحملهم كل المصائب ونعتبرهم مصدر البلاء والوباء في ذات الوقت مع الأسف الشديد. كل هذا بسبب التصورات المتوهمة كما يشير الكاتب مكي سعد الله في دراسته «الآخر، جدلية المرجعية والخصوصية الثقافية» تجعل الآخر ”هو ذلك الدخيل المسؤول عن شرور المدينة كلها“.

أثبت فايروس كورونا أن البشرية معرضة للخطر، وأننا جميعا في مركب واحد حيث لا يوجد استثناء بين أحد من الناس، ولا فرق بين فئة أو عرق او لون الكل سواء في هذه الجائحة التي ألقت بظلالها على العالم أجمع، والعنصرية المعلنة أو المضمرة في كثير من الأحيان لا مكان لها في هذه الأزمة التي خلفها كوفيد - 19، والتضامن الانساني والأخلاقي وتحسس معاناة الأخرين كفيل في التخفيف من شدة هذا الوباء الذي نتمنى أن يزول في القريب العاجل حتى لا يزيد معدل الخسائر في الأرواح والآثار الاقتصادية الناجمة عنه، وما تخلفه من فقر وجوع على عدد لا بأس به من الناس في هذا العالم.