مع شخصيات الفكر والأدب - علي محمد عساكر «4»
نحن الآن في الجزء الرابع من حديثنا عن الشخصية الأولى من شخصيات «مع شخصيات الفكر والأدب» الكاتب علي محمد عساكر.
وفي هذا الجزء سأتحدث عن برنامج رائع من البرامج التي قدمها عساكر وفريق عمله في «تنوير للتنمية والإبداع» وله علاقة وطيدة بفكرة مشروعي أو مبادرتي هذه عن الحديث عن شخصياتنا الفكرية والثقافية والأدبية، ذلك هو برنامج «مسابقة تنوير الأولى للكتابة والتأليف».
فقد أشرت في الجزء الأول أن عساكر قام في عام «1428 هـ » بمعية الأستاذ سلمان الراشد بتأسيس مشروع ثقافي تنموي، أطلقا عليه اسم: «تنوير للتنمية والإبداع» والحقيقة أنه كان من المشاريع الرائعة والرائدة في خدمة الفكر والثقافة والأدب، وقد استطاع أن يقدم عدة برامج كبيرة جدا في هذا المجال.
كان هذا المشروع منظما جدا، وله رؤية واضحة، وأهداف محددة، ورسالة قيمة، فله هيكلية إدارية متكاملة، تتكون من «علي محمد عساكر رئيسا، سلمان صالح الراشد مديرا عاما، مؤيد أحمد عساكر سكرتيرا إداريا، عيسى خلية العيسى مديرا للشؤون الفنية، نعيم حسين الكفيل مديرا للعلاقات العامة، عدنان عبد الرسول العيد مسؤول النسخ والتصاميم، عبد المنعم عبد الله الحجاب مسؤول التسجيل والمونتاج الصوتي، هاني أحمد الشطيب مسؤول المونتاج المرئي، إضافة إلى خمس كوادر نسائية، تتمثل في مديرة الإشراف النسائي، ونائبتها، ومسؤولة الإشراف على القاعة النسائية، ومسؤولة الإعلانات والإشراف على التدريبات، ونائبة مسؤولة الإشراف على القاعة، والتنسيق بين الإدارة والطاقم النسائي».
وقد تم تجهيز هذا المشروع بكافة المستلزمات والاحتياجات التي تمكنه من أداء رسالته على الوجه المطلوب، من لابتوب، وشاشات عرض، وسبورات، وكاميرات تصوير فديو، وتصوير فوتوغرافي، ولاقطات صوتية، وكراسي وطاولات، وقاعات للأنشطة والبرامج من دورات وغيرها، وإلى ما هنالك من مستلزمات واحتياجات.
وقد نجح هذا المشروع نجاحا باهرا، وحظي بقبول وتفاعل اجتماعي وجماهيري كبير، نتيجة ما قدمه من برامج رائعة وجميلة في فكرتها، وأسلوب تقديمها.
وكان من بين هذه البرامج الكبيرة التي قدمها هذا المشروع الرائد، هو «مسابقة تنوير للكتابة والتأليف» على مستوى الأحساء.
كان موضوع المسابقة هو «الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف» حيث تم طرح عدة عناوين متعلقة بالقضية المهدوية للكتابة فيها، وهي: «الإمام المهدي في الكتاب والسنة: عرض وتحليل، وشبهات المشككين في المهدي وتفنيدها، وكيف نعمّق علاقتنا بالإمام المهدي، والغيبة: دليلها، مفهومها، دور الإمام فيها، واجبنا في عصرها، وعالمية الدولة المهدوية وخصائصها، ويوم الظهور: مفهومه،، علاماته، كيفية التمهيد له».
وأما أهداف هذه المسابقة، وأسباب حصرها فيما يتعلق بالإمام المهدي، فقد بينه عساكر في كلمة مفصلة ومطولة له عن المسابقة، نشرها على «شبكة الجفر الثقافية» مساء يوم الجمعة 27 ريع الأول 1429 هـ ، فكان مما قاله في بيان هذه الأهداف والأسباب: «إن لتنوير مجموعة من الأهداف التي تسعى إلى الوصول إليها، ومن بين هذه الأهداف اكتشاف الطاقات والمواهب، والعمل على تنميتها والاستفادة منها، فنحن ندرك أن في شبابنا من يملكون طاقات جبارة، ومواهب متنوعة، ولكن لم يحالفهم التوفيق إلى الاستفادة منها، بغض النظر عن الأسباب، سواء كانت تعود إليهم أو إلى المجتمع.
ومن الظلم أن تهدر هذه الطاقات، وتضيع تلك المواهب، التي هي من أعظم النعم التي أنعم الله بها علينا، ولذا كان من ضمن أهدافنا - كما قلت - أن نسعى جاهدين إلى اكتشاف هذه المواهب، ومساعدة أصحابها على تنميتها، والاستفادة منها بشكل صحيح.
ومن هذه المواهب العظيمة: «موهبة الكتابة» التي توجد بنسب متفاوتة لدى الكثيرين من إخواننا وأخواتنا، فكان من ضمن تخطيطنا لهذا العام «1429 هـ » أن نكتشف من توجد لديهم هذه الموهبة العظيمة، ولهذا عملنا هذه المسابقة الكريمة، التي لا ينحصر هدفها فيما ذكرت من اكتشاف المواهب فقط، بل لها - إضافة إلى ذلك - أهداف أخرى كثيرة، أشير إليها على نحو الإجمال:
1 - التشجيع على القراءة، ومحاولة خلق صداقة حميمية مع الكتاب الذي يجهل قيمته الكثيرون.
2 - إثراء الفكر والعقل بالمعلومات والمعارف المتعلقة بالإمام المهدي، ولذا تجد أن كل العنوانين المطروحة للبحث هي حول شخصيته المقدسة صلوات الله وسلامه عليه.
3 - توطيد العلاقة الولائية بالإمام المهدي من خلال القراءة في سيرته الطاهرة، والتعرف على الكثير من جوانب حياته المباركة.
4 - القضاء على كل ما يمكن أن يدور في العقول أو يختلج في النفوس من شكوك يثيرها البعض حول قضية المهدوية، ويتأثر بها بعض الإخوة والأخوات، ولذا وضعنا من بين البحوث المطلوب الكتابة فيها، بحثاً بعنوان: «شبهات المشككين في الإمام المهدي وتفنيدها».
5 - أن تكون هذه المسابقة بمثابة التدريب العملي للمتسابقين في الكتابة والتأليف بمنهج علمي سليم، يمكنهم مستقبلاً من التعامل مع القلم والحرف والكلمة بطريقة صحيحة، ولهذا كان الشرط الرابع من شروط المسابقة: «أن يكون البحث مكتوباً وفق الأسس العلمية لمناهج البحث والتأليف» ولهذا أيضاً ألزمنا أنفسنا في تنوير بتقديم دورة عن المنهج العلمي للبحث والتأليف، لنعين المتسابقين على الكتابة بطريقة علمية سليمة.
إذن لم يكن هدفنا أن نعمل مسابقة وانتهى الأمر، بل كنا نهدف إلى أن تكون لهذه المسابقة ثمرات كثيرة، وانجازات حقيقية، من بينها صنع كتّاب حقيقيين مبدعين، نفخر بهم في المستقبل، ونقول: «هؤلاء من ثمرات وبركات تنوير» انتهى كلام عساكر.
وقد وضعت تنوير عدة شروط للمسابقة، وهي كما ألخصها من إعلان المسابقة:
1 - المسابقة للجنسين.
2 - يحق لطاقم تنوير المشاركة فيها باستثناء الرئيس والمدير العام.
3 - دفع رسوم «30» ريالا.
4 - التزام المنهج العلمي في الكتابة.
5 - البحوث لا ترد لأصحابها.
6 - أن لا تقل صفحات البحث عن «30» صفحة.
7 - تقديم جوائز ثمينة للثلاثة الأولى، وجوائز ترضية وشهادات تقدير لجميع المتسابقين.
8 - آخر موعد لتسليم البحوث يوم الجمعة 15 رجب 1429 هـ
9 - يتم إعلان النتائج وتكريم المتسابقين في الحفل السنوي الأول لتنوير الذي سيقام مساء يوم الأربعاء 23 شعبان 1429 هـ
10 - تقدم تنوير للمشتركين في المسابقة دورة تدريبية عن المنهج العلمي للكتابة، ليساعدهم ذلك على الكتابة بشكل صحيح.
11 - يحق لتنوير طبع ونشر أي بحث، شريطة أن يحمل اسم مؤلفه.
وقد حاولت تنوير أن تعلن عن المسابقة على أوسع نطاق، ليحقق أقصى حد ممكن من الانتشار، مستفيدة من الآليات المتاحة في ذاك الزمان، وقد تحدث عساكر في كلمته المشار إليها عن تلك الآليات فقال: «إننا في تنوير نعمل بدقة ونظام، ونخطط لكل شيء، حتى في اختيار الوقت المناسب للإعلان عن برامجنا ومشاريعنا، فحين عزماً - مثلاً - على عمل هذه المسابقة المباركة، لم نبادر إلى الإعلان عنها، وإنما أجلنا ذلك إلى ليلة الحفل النبوي الشريف لنكسب الحضور الجماهيري من جانب، وتفاعله مع الحدث الديني العظيم من جانب آخر، مما يؤهل الجمهور إلى التجاوب مع البرنامج أكثر فأكثر.
وما اكتفينا بإعلان عابر يتلوه المقدم على الحاضرين، بل حرصنا أن نوزع الإعلان على المحتفلين من الرجال والنساء، ليصل إلى كل فرد، ويدخل كل بيت، ليكون وقعه في النفوس أعظم وأكبر.
بل كان من ضمن التخطيط أن تكون لي كلمة في الحفل، أتحدث فيها عن المسابقة، وأبين أهدافها، وأحث على المشاركة فيها، لكنني تنازلت عن كلمتي مراعاة لضيق الوقت حين رأيته امتد وطال حتى بدأ الجمهور يشعر بالسأم والملل.
ولكنني عدت لأتحدث في محاضرتي التي ألقيتها يوم الجمعة 20 ربيع الأول 1429 هـ في المسجد الجامع عن المسابقة وأهدافها، وشجعت الإخوة والأخوات على التفاعل معها، والاشتراك فيها، وقد أثمرت تلك الكلمة ثمرات طيبة، فما خرجت من المسجد وإلا وقد التحق بالمسابقة ستة أشخاص أو أكثر، وما زال هاتفي المحمول يستقبل الملتحقين والملتحقات من الأخوة والأخوات.
وما اكتفينا أيضاً بكل ذلك، بل قمنا بتوزيع الإعلان إلى خارج مديتنا الحبيبة، وتحدثت شخصياً مع العديد من الإخوة والمشايخ من خارج الجفر عن المسابقة، وطلبت منهم أن يدعوا إليها، ويحثوا على الاشتراك فيها، وكانت الثمرة أن يتصل بي أخوة وأخوات من المبرز والقرين والطرف، بل ومن العراق، ليسجلوا في المسابقة، وما زلنا ننتظر ما تحمله الأيام القادمة.
وفي ليلة الاثنين 23 ربيع الأول 1429 هـ تم وضع إعلان المسابقة على شبكة منتديات الجفر الثقافية، ليأخذ صداه أكثر فأكثر في الانتشار... فيتشجع الشباب في الإقبال على التسجيل...».
وقد أثمرت هذه الجهود إيجابيا، فالتحق بالمسابقة قرابة «20» متسابقا من الجنسين، من مختلف مدن وقرى الأحساء، وقدم رئيس تنوير للملتحقين بالمسابقة دورة تدريبية عن «المنهج العلمي للكتابة والتأليف» تكونت من جزأين، في ليلتين مختلفتين.
في الليلة الأولى تحدث - كما هو مدون تحت فيديو الدورة في قناته على اليوتيوب - عن الكتابة بصورة عامة، فكان مما تناوله فيها:
1 - الكتابة وأهميتها.
2 - قيمة الكتابة والقراءة في القرآن والسنة والشعر والأدب.
3 - اهتمام العلماء والمفكرين بالقلم والقرطاس.
4 - ماذا يعني أن تكون كاتبا ناجحا.
5 - ما الذي تحتاجه لتكون كاتبا متميزا.
وقد تخلل هذا الجزء من الدورة فقرة تنويرية تنموية للمدرب الأستاذ: سلمان الراشد.
أما الليلة الثانية فكانت صلب الموضوع، وفيها تحدثت عن:
1 - أنواع الكتابة: المقالة، والمناظرة، والرسالة، والبحث، والكتاب، والتحقيق.
2 - بيان الأركان الثلاثة للكتابة: الموضوع، والمنهج، والشكل.
3 - عناصر نجاح الموضوع.
4 - معنى المنهج لغة واصلاحا، وما يجب أن يشتمل عليه المنهج.
5 - أنواع المناهج المتبعة في الكتابة والتأليف: المنهج الاستدلالي، ومنهج الاسترداد التاريخي، والمنهج الجدلي، ومنهج الاستقراء أو المنهج التجريبي، والمنهج الوصفي.
6 - بيان خطوات المنهج العلمي للبحث والكتابة، فتحدثت عن: الموضوع، والعنوان، وخطة إعداد البحث، والمراحل التي يمر بها، مع التأكيد على أهمية الإعداد، والخطة، وأهم ما نحتاجه أثناء ذلك... إلى أمور أخرى كثيرة متعلقة بالمنهج العلمي للكتابة والتأليف.
أما عن تحكيم البحوث وتقييمها، فقد عهدت تنوير بذلك إلى سماحة الشيخ محمد الحرز، حيث قام عساكر برفقة سماحة الشيخ أحمد الخليفة بزيارته والتفاهم معه، فأعطاهما موافقته.
واعتمد عساكر في توفير مبالغ الجوائز والتكريم على علاقاته، يسانده في ذلك بعض الإخوة، لاسيما الشيخ أحمد الخليفة الذي له جهود كبيرة في دعم تنوير بصورة عامة، ومشروع المسابقة بصورة خاصة.
ومساء يوم الثلاثاء 23 شعبان 1429 هـ أقامت تنوير حفلا بهيجا، بمناسبة مرور سنة على تأسيسها، واحتفاء بما قدمته خلال تلك السنة من برامج عديدة ومتنوعة، حضره جمهور غفير، وكان الحفل بقيادة وتقديم الأديب الشاعر الأستاذ جاسم محمد عساكر، وتكونت فقراته من «القرآن الكريم، بتلاوة الأستاذ يوسف البراهيم، وكلمة المدير الإداري لتنوير الأستاذ سلمان الراشد، ومقطوعة أدبية للشاعر الأستاذ ناجي حرابة، وكلمة الشيخ محمد الحرز حول بحوث المسابقة تقييما عاما لها، ونصائح وتوجيهات حول الكتابة والتأليف، وكلمة المشرفة النسائية الأستاذة زكية الصوفان، وأهازيج ولائية للرادود بسام العباد، وقصيدة بعنوان «تنوير تستحق التقدير» لقائد الحفل جاسم عساكر، وكلمة الختام لرئيس تنوير علي محمد عساكر» وفيها تحدث عن تنوير وفكرته وأهدافه وإنجازاته، وعن المسابقة وما تمثله من قيمة، إلى أن ختم بالدعوة إلى التفاعل مع تنوير في كل برامجها.
وفي هذا الحفل تم إعلان النتائج، وتكريم جميع المتسابقين وفق مراتبهم، كما تم تكريم الطاقم الإداري لتنوير، والشيخ أحمد الخليفة لدعمه المتواصل لمشروع تنوير، والشيخ محمد الحرز لتفضله بتحكيم البحوث، ومشاركته في الحفل، وجميع المشاركين في الحفل الختامي.