التسوق في زمن الكورونا
في البحث عن وسائل عملية لتحقيق المزيد من التباعد الاجتماعي لتقليل فرص انتشار العدوى بالكورونا، سيكون مجديا واكثر أمانا لو امتنع الوالدين عن الذهاب لمراكز التسوق دون مرافقة أطفالهم، فخطر فيروس كورونا لا يقتصر على كبار السن وحدهم بل من الممكن ان يفتك حتى بالصغار كما سمعنا عن ذلك في البلدان التي تتعرض لهذه الجائحة بشكل حاد، بل يا حبذا لو اقتصرت عملية التبضع على فرد واحد من الاسرة بدلا من أن يذهب الزوجين سوية لنفس الغرض، وهو ما سيخفف من الازدحام والوقوف لفترات اطول في طوابير الانتظار، كما ان عملية التبضع ستكون اسرع حينما يكون لدى المتبضع قائمة بما يريد شراءه، فلا يقضي وقتاً اطول بين ممرات المحل ومن قسم إلى آخر يبحث عما يشتريه.
هناك نقطة أخرى حبذا لو توقفنا عندها وأعطيناها بعض المراجعة الذاتية، وهي انه لا يزال البعض منا يذهب إلى السوبرماركت بحثاً عن سلع مخفضة، او تلك التي عليها عرض خاص، ليشتريها وهو ليس في حاجة ماسة إليها في هذا الوقت بالذات، والدليل انه يتسوق بعد ان يتصفح نشرة التخفيضات لا قبل ذلك.
قد نستوعب ذلك لمن يريد ان يوفر بعض الريالات في سلعة هو في حاجة إليها ان لم يكن اليوم فغداً. ولكن دعونا نتساءل لماذا تقوم مراكز التسوق الكبيرة بفعل ذلك أي بالتخفيضات على سلع معينة دون غيرها؟.
حينما يخفض التاجر أسعار بضائعه لا يعني انه يحب مساعدة المتسوقين، أو أنه يقدم هبة لعملائه، فهذا ليس من قواعد السوق وركائز التجارة، وإنما هناك أسباب عدة تقف خلف هذا النوع من العروض، بعضها محاسبية مرتبط بالميزانية السنوية او الفصلية للمنشأة، كأن يكون متوسط مخزون سلع بعينها يتجاوز المعدل المتعارف عليه والمقبول محاسبيا، أو يكون رصيدها عاليا وتوشك صلاحيتها ان تنتهي قريباً، أو ان الإقبال عليها منخفض لوجود منافسة قوية من سلع مشابهة وبسعر اقل. او لربما معرفة المورد ان هذه السلعة سينخفض سعرها مستقبلًا لوجود فائض منها في السوق، وكلما تم التخلص منها حتى بسعر التكلفة كلما جنبته أو جنبت البائع بالتجزئة خسائر غير محسوبة، أو على قللت من هامش أرباحهم «طبعا مالم يكن هناك تصفية عامة لسبب مالي آخر».
وعلينا ان لا نغفل الفوائد التسويقية التي يجنيها البائع حينما يقوم بتقديم هذه العروض التي تجذب المتسوقين إليه وتبقي ولاءهم له دون غيره من المنافسين.
إذن علينا ان ندرك ان مثل هذه العروض أو التخفيضات لا تخلو من كونها طعم استهلاكي يدفعنا للشراء دون وجود ضرورة لذلك فليس كل ما يلمع ذهباً.
وبما اننا نمر بظرف استثنائي علينا ان نكيف أنفسنا مع ذلك، وننظر لهذه العروض بمنظار آخر مختلفا عما نقوم به في الأحوال الاعتيادية، ونتجنب تكديس ما لسنا بحاجة ماسة إليه. ذلك أيضا سيقلل من تواجدنا اليومي في البقالات الصغيرة والكبيرة، وهو ما سيترك اثراً إيجابياً في توطيد التباعد الاجتماعي.