كلمة حق
لفترة طويلة كنت أعتقد أنَّ مدرسي الجامعات على جلالة قدرهم العلمي لا يملكون من الخبرة الميدانية ما يجعلهم قادرين على إدارة المنظمات بالشكل الذي يحقق لها النمو والتقدم المنشود، ذلك أنَّ الإدارة ليست مجرد معادلات رياضية يمكن حين تطبيقها تحقيق أفضل النتائج.
هكذا إذن ينبغي أن يصقل العلم بالتجربة المهنية، عند هذه النقطة ينبغي أن أعترف أنَّ الدكتور الذي درست على يديه مادة «الفيجول بيسك» في كلية الإدارة في جامعة الملك سعود قد كسر هذه القاعدة، وشكل بإدارته الحكيمة التي شهد لها الداني والقاصي نموذجًا متفوقًا ينبغي جدًا الوقوف عنده والإشادة به، لا سيما وأنَّه فارس هذه المرحلة والرجل الأكثر حضورًا فيها.
وزير الصحة الحالي توفيق الربيعة يمكن اعتباره أحد الرجال الأكثر تأثيرًا في صناعة فروق واضحة في الإدارات والمناصب التي شغلها، «الربيعة» الذي أعاد هيكلة النظام الصحي في السعودية وبدعم مباشر من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هو من أنشأ قبلًا وكالة وطنية للتأمين الصحي التي عُدت على إثرها السعودية من أوائل الدول في الشرق الأوسط التي تقدم على هذه الخطوة، بالإضافة إلى أنه من أسهم في أتمتة الكثير من معاملات وزارة الصحة.
وقد ارتفعت في عهده عدد مراكز قسطرة القلب من 13 إلى 22 مركزًا في جميع أنحاء السعودية، كما استقبل مركز اتصال الصحة 937 أكثر من مليون استشارة طبية حققت نسبة رضا وصلت لـ 87 في المائة، كما وصل نسبة فحص السمع لدى المواليد إلى 96 في المائة بعدما كانت 65 في المائة في 2016، وارتفعت نسبة الفحص المبكر لمرض سرطان الثدي إلى أكثر من 3 أضعاف ما كانت عليه، وانخفضت نسبة استخدام المضادات الحيوية بعدما ألزمت وزارة الصحة الصيدليات بعدم صرفها دون وصفة طبية، كما انخفض متوسط أيام الانتظار للمواعيد الطبية من 59 يومًا في العام 2016 إلى 24 يوما في العام 2018، وانخفضت كذلك نسبة المراكز الصحية المستأجرة إلى 30 في المائة.
«الربيعة» الذي عدَّ رفع معدل عمر المواطن من 75 سنة إلى 80 سنة هدفًا يسعى إليه، أكدَّ أنَّ الوقاية هي الهدف الأسبق لبناء منظومة صحية متكاملة، وهذا ما دعاه لتأسيس المركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها وكانت إحدى نتائجه دراسة أثر المخاطر الصحية على معدل عمر الفرد، وقد أظهرت جملة من المؤثرات في مقدمتها حوادث السيارات، التدخين، السمنة، الأمراض المزمنة كالضغط والسكر، النظام الغذائي غير الصحي، التلوث، البطالة والإدمان وغيرها.
كل تلك تسهم بحسب الدراسة في تقليل متوسط عمر المواطن السعودي 14 سنة، فكانت أحد الحلول هي مضاعفة أسعار التبغ، ووضع ضرائب على المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، كما تم تحفيز الرياضة بأنواعها في المجتمع بحملات إعلامية أسهمت في صناعة فروقات واضحة في معدلات الرياضة للفرد، ومن جانب آخر فقد صدر قرار بمنع الزيوت المهدرجة اعتبارا من الأول من يناير 2020 وبذلك تعد السعودية الثانية عالميًا بعد كندا في تطبيق هذا القانون.
وأخيرًا وليس آخر، صدر قرار بوضع السعرات الحرارية على قوائم الأطعمة في المطاعم والمقاهي ما جعل المستهلك أكثر إدراكًا للقيمة التي يقدمها هذا الصنف من الطعام، كل تلك وأمور كثيرة لا يمكن حصرها في هذا العجالة تجعلني أدعي أنَّ توفيق الربيعة يستحق أن يكون أحد رجالات المرحلة وأحد السواعد المهمة لولي العهد السعودي في تحقيق «رؤية 2030» التي - لا شك - ستصنع حاضر السعودية، وستضعها كما هي دائما في المكانة العالية ضمن بلاد العالم المتقدمة.