البقاء في الماضي
لا تفكر، ابقَ هكذا لكي تنهش الذكريات جسدك ولتبقى أسير الماضي، فليس من حقك أن تخرج من الصندوق ولا يحق لغيرك، هكذا انتهت الكلمات من نصيحة رجل مسن لفتى حديث عهد، التفكير في الماضي نجعله وقودًا للحاضر، نستمد منه الدروس والعبر والتجارب والقراءة الدقيقة لبناء فكر يبني لا يهدم، يعطي لا يخذل، يسامح لا ينفر، لا نريد درسًا من الماضي يكرهنا في الآخر يسلب حقه وثقافته وفكره ونؤطر لعنة الماضي والحاضر في شخصه.
لا نريد تفكيرًا إقصائيًا يحصر الحق والباطل في شخوص ويفرض علينا نسقًا خشنًا قاسيًا منفرًا من ثقافة تاريخية ولدت تحت ظروف لا نعلم كيف هي وكيف أتت.
إن لحظة التغيير تبدأ منك أنت، باحترامك لثقافتك والاستعانة برجال يعرفون معنى الحياة ومعنى الآخر، تحرر من قيودك التي زرعتها الأيام الخوالي التي تصطدم مع العقل والنصوص القرآنية، وسخر عقلك نحو بناء نفسك أنت، لا أن تجعل عقلك وديعة عند لصوص التفكير والبغض للآخر.
تكمن أهمية التفكير في الرؤية الجادة والحيادية نحو الحقيقة المنوط حولها، التي تختلف بمفهومها ودلالاتها من إنسان إلى إنسان آخر، فكل واحد منا يرى أنه ملك الحقيقة المطلقة في تعريفها حسب عقيدته ومذهبه الفكري.
يأتي هذا المفهوم بطبيعة الحال من خلال الموروث الديني الذي بنى هذا الفكر وانطلق منه هذا التفكير يراه بعضهم عقيمًا بمعنى الكلمة، فمتى ما نحصر مفهوم التفكير داخل المذهب وداخل المؤسسة، كان لزامًا أن يكون هناك قصور في الرؤية والتفكير، تتداخل عناصر مهمة في تكوين التفكير بمعنى التفكير، فالفلسفة والدين والفكر والمجتمع والاقتصاد والسياسة أدوات مهمة في ثقافة المعنى.
لقد غيب كثير من المسلمين أهمية التفكير في مصلحة الأمة والانشغال نحو احتكار الحقيقة والانشغال نحو رفض الآخر لحمله رؤية مغايرة في المضامين والأهداف.