آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

كورنا يبعث الأمل والهوس بتجار الشهرة

سامي آل مرزوق *

تمر المجتمعات بالعديد من الأزمات المختلفة سواء أكانت، اقتصادية، أو أمنية، أو سياسية أو صحية، وعلى اختلاف أنواعها تجد من يسعى لحلها ومعالجتها بشتى الطرق، كما تجد من يسعى كذلك لاستغلالها والمتاجرة بها بحثاً عن مكاسب مادية أو معنوية، آنية لخدمة أطماعه وأهوائه المريضة المخالفة لكل القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية، ويعد وجود هذه الفئة، هو الأزمة والخطر الذي يهدد كيان المجتمعات، بأساليبهم الممكنة والغير الممكنة، لنيل حصة التصدر بالمشهد الإعلامي والمجتمعي وحب الشهرة والظهور أوقات الأزمات.

يرى البعض ذلك من السمات العادية التي يصطنعها الأفراد دون جذور حقيقية تربطها بشخصيتهم، في حين يصنفها آخرون أنها تقع ضمن العقد النفسية والسلوكية الاجتماعية، وترجع أصولها لتكوين شخصية الفرد والتربية والمحيط الاجتماعي، حيث تعج الحياة اليومية بالعديد من الأشخاص المتعطشين للفت الانتباه، وبعقدة حب الظهور سواء خلال لبسهم الخارجي او بقصات الشعر الغريبة أو باقتناء لكماليات باهظة الثمن رغم تواضع جيوبهم، وقد تبرز هذه الصفة وتكون واضحة عليهم وعلى طريقة تصرفاتهم وحديثهم كأن يتحدث مع شخص مع مرافقيه بصوت مرتفع او متعالي، ليسمع الآخرين عن صفقاته التجارية وأرباحه وغيرها.

يؤكد علماء النفس أن سمة حب الظهور ولفت النظر هي حاجة نفسية غريزية لا تختلف كثيراً عن غيرها من الحاجات البيولوجية الجسدية، كالحاجة للطعام والهواء والشراب والحاجات العاطفية والاجتماعية، كالعاطفة والاحترام، فقد يكسب الطفل انتباه والديه بتعلم الترتيب والاجتهاد، وقد تُعلم العكس بتكسير وإتلاف الأشياء حينما لا يجد من يثيبه على سلوكه.

إن تجار الأزمات فئات لا يهمها النتيجة النهائية لأي أزمة بالمجتمع بقدر ما يهمها شهرتها وإدخالها المجتمع متاهات ثقافية، وفكرية ثانوية، فعزوف المثقفين المحليين الحقيقين عن الظهور في الإعلام، من أسباب ظهور هذه الفئة المتملقة التي تتسلق على أكتاف الآخرين، واستغلال منجزاتهم ولا يتوانون كذلك لنسبها لأنفسهم أو التراجع عن خطأهم، فهم يتميزون بلسان لاذع وانتقاد المجتهدين دون حرج من كشف حسدهم، فطغيان المصالح الفردية وحب الظهور يجعلهم يتسابقون في الوصول للإعلام دون أدارك للمخاطر التي يمكن أن تتركها مشاركاتهم السلبية وعدم فهمهم لدورهم التحليلي والتوعوي في مثل هذه الأزمات، فهم لا يَعدون سوى أنصاف مثقفين، أن الذين لا يؤمنون بالمبادئ والقيم ولا يحترمون الثقافة ومساراتها، تجدهم باحثين بشكل مستمر عن المساهمة في أي قضية دون وعي ناهيك عن مزايدتهم إذ تعجبهم الشهرة معتقدين أنهم يؤثرون بالمجتمع.

وللتخلص من هذه العادة المذمومة تؤكد المراجع العلمية أن صاحبها بحاجة إلى إعادة تأهيل نفسي وسلوكي وروحي حيث يحتاج هذا المنحوس للتدريب على استراتيجية السلوك المضاد، بمعنى أن يدرب نفسه على سياسية ضبط النفس، ولها اسلوبها الخاص بقمع رغبته المريضة على الحاق الأذى بالآخرين، وتقبل الرأي الأخر وحسن الاستماع ومحاولة إعادة بناء الذات وتهذيبها ومقاومة جموحها، وهنا يأتي دور العبادة الروحية والعودة للقيم الدينية والاجتماعية، وقد تتراجع ثورة لفت الانتباه والظهور تدريجياً لدى تلك الفئة بتقدم العمر، إلا أن الشخصية المصابة بداء الأنانية وحب الاستعراض هو عدم صبر صاحبها على الاستماع للآخرين وعدم تقديره لما يطرحونه من حلول وآراء مع الرفض الواضح والدائم لأفكارهم فهو لا يسمح لغيره بالبروز او التميز حتى لا يخفت بريقه ويأفل نجمه ويتلاشى.

خلاصة القول أنهم أما أشخاص عاديون غير معروفين يدفعهم حب الظهور بدواعي الشهرة المهووسة لذا تجده يلجأ لمواقع التواصل الاجتماعي لتحقيق هذا الهدف، أو معروف شخصياً وسُلطت الأضواء عليه فترة ثم بدأت الأضواء تضعف ويخفت بريقها من حوله فيصاب بضيق النفس مما يضطره للبحث عن طريقة او وسيلة لتسليط الضوء عليه من جديد.