مكافحة كورونا مسؤولية الجميع
استيقظ العالم على أخبار انتشار فيروس كورونا الجديد «COVID - 19» من مدينة ووهان الصينية، وعلى عدد من الموتى الذين كان يحصدهم في طريقه وصارت حالة من الاستنفار وبناء مستشفى ضخم مؤقت على مساحة 25 ألف متر مربع بسعة 1000 سرير في غضون ثمانية أيام. وأخذ الفيروس ينتشر في معظم دول العالم بحيث تجاوز 100 دولة خلال فترة وجيزة ليشكل خطرا كبيرا ويستدعي اتخاذ الإجراءات اللازمة.
مايصيب الإنسان قد يكون سببه الإنسان نفسه أو المجتمع ومايقترفه من آثام وذنوب بسبب الفساد والعصيان والطغيان والجبروت والابتعاد عن الله عز وجل وعن الاستغفار والتوبة. قال تعالى:“وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ * وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ”. وقال تعالى:“ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ”،
عقاب الله جل وعلا قد يكون في الدنيا قبل الآخرة ولايختص بفئة معينة ولادين ولا مذهب، ومنه مايكون نوع من أنواع البلاء للمؤمنين وهذا ماشهدناه من انتشار واسع لهذا الفيروس في مختلف البلدان. قال تعالى: ”فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ”. وقال تعالى:“أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ”.
إنه فيروس صغير وشغل العالم بأسره وأثّر على اقتصاد الدول وأوقف الكثير من الأنشطة والبرامج والتعليم ومختلف التجمعات في دول العالم. لقد شلّ حركة الطيران والتنقلات بين البلدان وكبّدها الخسائر الفادحة واضطرت بعض الدول للحجر والعزل لمنع انتشاره. لقد شكّل رعبا كبيرا حتى وإن كانت نسبة الموتى لم تتجاوز 3,6٪ مقارنة بعدد الحالات التي تماثلت للشفاء من إجمالي 119 ألف حالة حتى تاريخه «68٪ منها في الصين».
لقد انشغل العالم بمتابعة الإحصائيات على مدى الساعة وتحديث الحالات وعدد الوفيات، وانشغل آخرون من مرضى النفوس السلبيين بنشر الإشاعات والسخرية والاستهزاء والاستهجان والتصيد في الماء العكر وإكالة التهم وإثارة الفتن، واجتهد آخرون بالتهويل وإثارة الرعب والبعض بالتهدئة، والبعض بنشر الثقافة والوعي التي لم تخلو من التضارب في المعلومات.
لقد أصبح العالم قرية صغيرة ولايعيق هذا الفيروس أن ينتقل من أي جهة وعبر أي منفذ، والحيطة والحذر مطلبان مهمان للحد من انتشاره. ومن هنا نشيد بالدور الكبير والجهود الجبارة التي اتخذتها حكومتنا الرشيدة متمثلة في جميع الجهات المعنية المكلفة في منع انتشار الوباء وعلى رأسها وزارة الصحة، ونهيب بالجميع بالتعاون والتكاتف واتباع النظام والتعليمات وعدم المخالفة والإفصاح عن المشتبهين والعمل معا يدا بيد وتحمل المسؤولية لاحتواء هذا الفيروس لكي لاينتشر في جميع أنحاء مملكتنا الحبيبة وتصبح مكافحته أكثر صعوبة. ومن تحمل المسؤولية أن لاننتظر منع التجمعات من الجهات المعنية بل على الجميع الأخذ بزمام الأمور والمبادرة في الحد من أي تجمعات قد تكون سببا في تفشي الفيروس خصوصا وأن أعراضه لاتظهر على المريض مباشرة بل قد تتأخر لأكثر من أسبوع وتصل إلى أسبوعين.
ومع هذا البلاء لنتحلى بالصبر ونكثر من الحمد والشكر لله عز وجل وندعو للمرضى، ونفيق من غفلتنا، ونخصص ولو جزءا يسيرا من الوقت المهدور بلا فائدة لتكن لنا وقفات تفكر وتأمل في قدرة الله وجبروته وعظمته وآياته وعظيم صنعه، ونراقب أنفسنا ونحاسبها ونلجأ ونتضرع إليه ليكشف عنا هذا البلاء فهو القادر على كل شيء والأمر بيده.“إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ”. سورة يس «82»