فيروس كورونا... التعامل الاجتماعي
قال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ التوبة 71
هذه ليست الأزمة الوحيدة التي مرت على القطيف... فهناك أزمات كان تأثيرها أشد وأصعب، وأثرت على مختلف نواحي الحياة في القطيف، ومع ذلك استطاعت القطيف تجاوز الأزمة بكل جدارة.
في هذه الأزمة الصحية تضافرت الجهود الصحية لاحتوائها ومنع انتشارها، حيث كان للتوعية والتثقيف الصحي نصيبه وأثره والفعال في تحجيم المشكلة.
وفي هذه المقالة القصيرة أود الحديث عن بعض الجوانب الاجتماعية في هذه الأزمة لما لها من دور في نجاح العملية والتخلص من هذا الفيروس.
التعاطف هي سمة إنسانية رائعة تنم عن مدى الإحساس والنفسية المفعمة بالحب للآخرين، كما أن التعاطف مع الآخرين أي الإحساس بمشاعرهم وإشعارهم بتفهم هذه المشاعر هو من صفات الإنسان الذكي عاطفيًا.
وكما في الفرد كذلك في المجتمع، فالمجتمع المتعاطف هو من يشعر بمعاناة الآخرين ويسعى لتفهمها والسعي لحلها، ولهذا روي عن رسول الله ﷺ أنه قال: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى [1] .
لذلك علينا أن نقوي هذه الصفة فيما بيننا ونتعاطف مع بعضنا لتجاوز هذه الأزمة.
للعزلة آثارها السلبية على صحة الإنسان، فهي قد تسرع الموت المبكر وتنتج مجموعة من الأمراض النفسية كزيادة الاكتئاب وغيره. ذلك لأن الإنسان اجتماعي بطبعه، وفقدان هذه الصفة تشعره بالنقص والشعور بالوحدة وعدم التطور الاجتماعي.
لذلك حث الإسلام على التواصل مع الآخرين مهما بعدت المسافات حيث ورد عن الإمام الصادق قوله: التواصل بين الإخوان في الحضر التزاور، والتواصل في السفر المكاتبة [2] .
واكد على ضرورة التواصل مع الأرحام وفي أصعب الظروف حيث يقول رسول الله ﷺ: صلوا أرحامكم ولو بالسلام [3] . فلا مجال للقطيعة.
من هنا علينا في ظل هذه الأزمة أن نتواصل مع بعضنا بما يتناسب مع الوضع الصحي، واخذ الاحتياطات الصحية، والتقليل من الاجتماعات الثانوية، ويمكن الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي لتبقى العلاقات الاجتماعية متقدة وفعالة.
قال رسول الله ﷺ: الصدقة تدفع البلاء، وهي أنجح دواء، وتدفع القضاء وقد ابرم إبراما، ولا يذهب بالأدواء إلا الدعاء والصدقة [4] .
الصدقة هي مفتاحٌ لكلِّ عسرة، مفتاح لكل أزمة، مفتاح لكل مأزق.
الدعاء هو عرفان المؤمن بربه، وهو أوسع أبواب رحمة الله، فهو مفتاح الرحمة ومصباح الظلمة، ولا يهلك مع الدعاء أحد.
إن الدعاء والصدقة هما من أبسط وأسهل وأفضل الطرق التي يمكن أن ندعم بها المرضى جميعًا، فالصدقة والدعاء للمريض هما أحد أسباب تخفيف الآلام كما أنهما الدعم الذي وهبنا الله إياه لرفع روحه المعنوية مما يسهل عليه الشفاء سريعًا بإذن الله.
قال رسول الله ﷺ: من احزن مؤمنا ثم اعطاه الدنيا لم يكن ذلك كفارته، ولم يؤجر عليه [5] .
في ظل هذه الأزمة يوظف البعض كل طاقاته ببث أخبار التشاؤم، اخبار الإحباط، أخبار تقتل الفعالية في المجتمع، أخبار توضح أننا لن نخرج من هذه الأزمة إلا وقد حصدت أرواح الكثير منا!
هناك بعض الناس لهم القدرة على بث الرعب والهلع بين صفوف الناس، وهذا عمل السلبيين في الحياة.
علينا أن ننشر الأخبار المطمئنة. وتوضيح الحقائق بصورة سليمة لا مبالغ فيها، وأن نرشد الناس إلى كيفية التعامل مع الأزمة بعقلانية، وأن نبعث في نفوسهم روح الأمل.
مهما كانت أزمة فايروس كورونا قوية فإن القطيف أقوى منها فهي تمتلك مقومات النجاح وتجاوز الأزمة.