آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

وعي الناس يحارب كورونا

عبد الله الناصر

أشعر بهدوء جميل هذا الصباح، شجعتني فيه أشعة الشمس الساقطة من نافذة منزلي للخروج واستنشاق بعض الهواء المنعش الذي تبعثه مزارع الأوجام إحدى قرى القطيف والتي أعيش فيها.

‎قدت سيارتي في الممرات وبين المنازل أشاهد وجوه الناس وحركة الأولاد، حيث الجميع يلقون التحية برفع كف اليد دون المصافحة بالسلام، للتقليل من الحرج ولنشر ثقافة الوقاية بين الناس.

‎اعتدل الجو في القطيف بعد موجة من الغيوم السوداء التي مرت بها بعد سويعات من إعلان قرار الحجر الصحي للمنطقة وشعور الناس بالقلق والتسابق لشراء مستلزمات الطعام وبحلول المساء أصبحت الشوارع موحشة وعم الصمت حتى جدران المنازل في ليلة نام فيها الناس بارتباك.

‎وجدت نفسي قريباً من نقاط التفيش التي غلفت مناطقنا للتحكم بسير الدخول والخروج منها لا أنكر أني شعرت بالخوف كلما اقتربت سيارتي منهم لكن الخوف سرعان ما تبدد حين اللحظة التي قابلني الشرطي فيها بوجه جميل وابتسامة أخوية وتحية احترام وأسئلة مهذبة وأعطاني أذن الخروج بكل رقي ومودعاً لي بكلمة «بالسلامة» لم يشعرني بالإهانة كوني من قرى القطيف بل أدهشني حسن خلقه الذي ترجم لنا أنهم يقفون ليل نهار هنا لا لشيء سوى لخدمتنا وسلامتنا.

‎واصلت مسيري وأنا ممتن لما نحظى به من رعاية من الوطن وقبل أن أدخل إحدى الأسواق، فتحت هاتفي الذي تراكمت فيه رسائل التهويل ورسائل تصف العقاب الذي حل بقرانا وأخرى نصائح صحية لا تعلم مصدرها فالناس تحولت إلى أطباء.

‎أجهد الناس دماغي بالتناقضات وأنا بين خيارين إما أن أقرأها أو أمحوها من الجهاز لأنها ستمرض فكري قبل جسدي فمسحتها دون تردد في ثوان.

‎كم أعجبت بوعي الناس باستخدام المعقمات الموجودة في مداخل الأسواق وجهد الحكومة بتوفير كل المستلزمات اليومية بيسر واعتدال مما أزاح فكر الهلع الذي أصاب الناس أول يوم ففرغت الأسواق من المنتجات. وعند المحاسبة حرص الناس ترك المسافات لتجنب الازدحام.

‎أعلم أن الأغلب خائف أن يضع رجله داخل المطار ‎والكثير لا يعرف الكثير عن هذا الوباء ومجهولة وقت اكتشاف الدواء، لكن شعورا بالاطمئنان يعتريني من الواقع الذي أعيشه لا من وحي الكلام بثقتي من الخطة الصارمة التي وضعتها حكومتنا كالأم التي تحتضن أبنائها بدفء في موسم الشتاء.

‎قوتنا اليوم كمملكة بسبب تكاثف كل الوزارات ‎التي تسعى ألا تكون مناعة الشعب ضعيفة فقط بل يرفعون مناعة وطن. لذلك يجب أن تسير الوقاية والعلاج بخط واحد.

‎بصيغة قاسية خاطبت الدولة كل من رفض التصريح عن سفره للدول الموبوءة، ونجحت في أن تدير استهتار هذه الفئة من الناس، ونشرت بكل مجالات التواصل الاجتماعي كل سبل الوقاية السليمة ولم تسمح لأحد باستغلال الناس أو التلاعب بهم.

‎في مثل هذه الظروف الطارئة في كل العالم والتداخلات الكثيرة نجحت المملكة نجاحا يستحق الشكر بالسيطرة المبدئية على كل منافذ الدولة البرية والبحرية والجوية.

‎هناك هدف وراء كل قرار صائب تتخذه حكومتنا ‎وكان أولها منع العمرة وتعقيم بيت الله الحرام وتلاها إيقاف الدراسة في مؤسسات الدولة وتعقيم المدارس وسرعة الفحوصات الطبية وبذلك تحمي الدولة المواطن في عمله ومدرسته وداخل مسكنه.

‎وأثناء وقوفي بالطابور لدفع فاتورتي سقطت محفظتي على الارض فساعدني ولد كان يقف خلفي بالتقاطها لي وكنت اتأمل سلوكه بإخراج المعقم بعد ذلك ومسح يده حرصا على سلامته. هذا الوعي نتيجة رفع رقعة أفكارنا والتكيف مع الظروف فنمنع الخوف والعزلة ونعيش بنفس عطائنا وتعاوننا ونعلم بسلوكنا وأخلاقنا من حولنا.

‎ قدت سيارتي عائدا لمنزلي أراقب غروب الشمس بأشعتها الأخيرة أدعو الله أن ييسر للعلماء اكتشاف علاج يعيد الأمور لطبيعتها. ولكل من يسأل عنا من الخارج والداخل حباً وإطمئنانا لا نستطيع التنبوء أو التحكم بالظروف القادمة لكنني مؤمن أن استمرار التعاون بين حكومتنا والشعب يقودنا إلى مزيد من القوة التي نحتاجها لمواجهة أي موقف، فكلاهما يحمي الآخر لذلك درعنا قوي لأن أساسه الخير لكل مواطن ومقيم بجميع الطوائف والأديان وهدفه الصحة والأمان للجميع.