آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 6:10 م

شروط الجائع

سراج علي أبو السعود * صحيفة الرأي السعودي

حينما أجوع أنا فستبتزني أنت، أنت الذي ستجد حاجتي فرصة لتمنحني فتاتًا وتأخذ مني الحياة والكرامة، إنني أنا الجائع الذي أبحث عن عمل، أنا الجائع المتدلية ألسنة عائلتي بحثًا عن القوت، أما أنت: فأنت من رأيت فاقتي وقلة حيلتي سبيلًا للمتاجرة بحقوقي.

هكذا حينما آتيك باحثًا عن عمل ستجدني لعبة بين يديك أو أدنى من ذلك بكثير، هل تقبل العمل بثلاثة آلاف؟ بأربعة؟ سأمنحك خمسة حبًا مني في شخصك الكريم، استر على نفسك واشتغل، الشغل موب عيب يا بني، هذا ما ستقوله لي متقلدًا لهجتي التي لا تجيدها أيها المتلذذ السادي، وأنا من أنا في العلم والخبرة والكفاءة، ولأنني المسكين الذي لا أملك قوت يومي فسأرضخ لك، نعم سأرضخ وسأكون المتلون المخادع، لأنني إن لم أفعل فسترميني في الشارع، وستقول بعدها على مسمعي وفي كل مجلس: «السعوديين موب حق شغل»، نعم ستقولها وستكررها وستصر عليها، وأنا الضعيف لا أملك أن أرد عليك، أما أبناء جلدتك فستمنحهم أعلى الأجور وأفضل المميزات وربما بعضهم «ما يعرف راسه من كرياسه»!.

يأتيك الشاب باحثًا عن عمل، هل لديك خبرة خمسين سنة؟ هل لديك ماجستير من هارفرد أو ستانفورد أو القمر؟ هل تحسن لغة الجراد والبَق؟ هكذا ستسأله في المقابلة الشخصية إن حدثت!، وحينما يجيبك بنعم فستقول: طاقتك أكثر من حاجتنا!، وحينما يجيبك بلا فستقول: طور إمكانياتك الباب مفتوح لك في أي وقت!، وأما إذا تفضلت عليه بوظيفة فإنك ستنظر إليه كجسم غريب في الشركة، كيف لا وهو الوحيد الذي يلبس الثوب والشماغ والعقال، ويتكلم العربية العاربة، وهو الذي قبلًا أنفقت عليه الدولة في بعثات لأفضل جامعات العالم، وجاءك بأفضل الشهادات والتخصصات والمهارات ومع ذلك مازلت تقلل من شأنه، وتقدم عليه غيره، إمعانًا في التمييز ضده والمحاباة لأبناء جلدتك.

بعدما أصبحت الفرصة سانحة للتوظيف النسائي زاد شح الوظائف على الشباب، هكذا يمكن أن تتجول في أروقة بعض الشركات لترى الأعداد المتزايدة منهن، وحينما لا يضع القانون نسبًا لتوظيف الجنسين فستكون الفرصة سانحة لتغليب البنات على الشباب بدعوى أنَّهن أكثر مثابرةً واجتهادًا والحال أنَّ نسبة من مرضى القلوب لا ترجح هذا التوظيف وطنيةً منهم ولا تقديسًا وتغليبًا لمصلحة العمل، هكذا تبدو المتسترة تمامًا أو من هي ذات حدود دنيا من جمال المنظر ذات حظوظ أقل بكثير من حظ الجميلات في العمل، وهذا ما يضيف دليلًا لكثير من الأدلة الأخرى التي تؤكد أن نسبة من المستميتين في المطالبة بحقوق المرأة يقصدن بها تلك المرأة الجميلة التي تتعامل بجرأة أكبر مع الرجل، أما سواها من أصناف النساء فهن في الغالب لا يستحققن تلك الحالة من المطالبة بحقوقهن، وإلى أن تسن قوانين يمكن لها تحقيق جودة في التوطين سيبقى سوق العمل بيئة خانقة يتبوأ فيها المواطن أدنى الدرجات، وسيبقى غيره دائمًا صاحب اليد الطولى فيه.