تحقيق المكاسب في عصر الرؤية
تمر رحلة رؤية 2030 بثلاث دورات تخطيطية خمسية منذ تدشينها منتصف 2016م، وتتخللها مراجعات سنوية، وربع سنوية، وفي كل دورة يتم إجراء مراجعة شاملة لطموحات الرؤية ومراجعة البرامج والأهداف والخطط التنفيذية للبرامج بينما يتم استعراض التقدم في البرامج والأهداف وتذليل العقبات والتحديات ومراجعة وتعديل خطط التنفيذ إن لزم الأمر، في المراجعات السنوية والربع سنوية.
ونحن في بدايات 2020، حيث قد أرست دورة التخطيط الخمسية التأسيسية الاولى أساس الرؤية والمستهدفات والبرامج الرئيسية ذات الأثر الملموس على المواطنين،، إذ أنه غير خافِ على أحدْ التقدم الذي حققته برامج الرؤية في مختلف القطاعات، حيث شهدنا إطلاق وتنفيذ العديد من المبادرات نحو التنمية الوطنية الشاملة، ولحظنا التحول الرقمي اللافت في عديد من الاجهزة الخدمية، ولمسنا العمل الدؤوب المستمر على تحقيق التميز في الاداء الحكومي، والعمل على الارتقاء بالرعاية الصحية، وتحسين مستوى المعيشة والسلامة، وضمان استدامة الموارد الحيوية، وتعزيز التنمية المجتمعية وتطوير القطاع غير الربحي، والعمل على تمكين فئات المجتمع من دخول سوق العمل ورفع جاذبيته، وتمكين المرأة، والاسهام في تمكين القطاع الخاص، وتطوير القطاع السياحي والتراث الوطني، تلك هي أبعاد وأهداف برنامج التحول الوطني، وجار العمل على تتفيذ المزيد.
هذا الإنجاز المحقق، يُدخلنا الآن في المرحلة الثانية وهي ”تحقيق المكاسب“ والحفاظ على الزخم المطلوب لمواصلة التطوير، مع تحديد الفجوات بين البرامج المنفذة ومستهدفات الرؤية، والإسهام في تذليل الصعوبات والمشكلات والتعرف على أسبابها ومعالجتها.
إن مرحلة تحقيق المكاسب تتطلب الاستمرار في تنفيذ العديد من المبادرات المحققة للرؤية فعلى سبيل المثال مايختص منها في غاية الرؤية المتمثلة في ”تحقيق التميز في الاداء الحكومي“، حيث إن من أهم التحديات التي ترصدها الرؤية تجاه هذا البعد هو الحاجة إلى رفع جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، ورفع معدلات الاداء التشغيلي والوظيفي داخل المنظومة العدلية مثلا وزيادة فعالية وتنوع قنوات التواصل للجهات الحكومية وتعزيز الشفافية وزيادة التفاعل مع ملاحظات المستفيدين والعملاء، وهي عملية مستمرة وقد تم إعداد ما مجموعه 63 مبادرة في هذا الشأن متلازمة مع مؤشرات محددة لقياس الأداء.
إن الحفاظ على الزخم المطلوب في منهاج الرؤية وقطف المكاسب وصولا للمرحلة الخمسية الثالثة في 2025 والتي تسعى الى ”تعميق الاثار الايجابية“ لمستهدفات الرؤية بعد استنادها الى مراجعة منهجية وتقييم دوري، يتطلب التوعية والتحفيز المستمر للعاملين، وخصوصاً في أسفل الهرم الإداري في مختلف الادارت الحكومية او بالأحرى منفذي المبادرات، كمنفذي حملات معالجة التشوهات البصرية وتحسين المشهد الحضري في قطاع البلديات مثلآ وغيرهم من القطاع، وتعريفهم بالمكاسب المتوخاة، والمبادرة في تقديم دورات تثقيفية مدعّمة بأساليب التغيير السلوكي البشري للعاملين، وتعريفهم بماهية الاستراتيجية ومنظومة الأهداف والبرامج والمبادرات ومؤشرات الأداء، في ورش عمل تخصيصية، واشراكهم في عمليات التخطيط لتنفيذ المبادرات وربما عن طريق استحداث أقسام مختصة بإدارة التغيير، فمتى ما تعرفوا على الرؤية وأهدافها ومراميها،، زادت ثقتهم بها وأصبحت جزءاً منهم وعملوا على تنفيذها بحماس، وحققوا التطلعات المرجوة. وغني عن القول، أن قيادة المملكة قد سخرت كل الطاقات البشرية والمادية واللوجستية لتنفيذ هذه الرؤية المباركة مستندة إلى موقع المملكة وعمقها العربي والاسلامي ومكانتها الاقتصادية الرائدة، وموقعها الرابط بين القارات الثلاث، لتخلق مجتمعاً حيوياً قيمه راسخة وبنيته عامرة وبنيانه متين، ووطن طموح بحكومة فاعلة، وبمواطنين أهلٌ للمسؤولية والثقة، يتجذر فيهم الولاء والحب، لله، والقيادة، والوطن، وبشبابهم تُستلْهم الهِمم وتزدهرُ الأمم.