آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

فيروس كورونا... كن واعيًا

رضي منصور العسيف *

قال تعالى:

﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ النحل آية «112»

لم يتطلب الأمر إلا أقل من سبعين عاما لتتحول الصين من دولة معزولة إلى واحدة من أعظم القوى الاقتصادية في العالم. يقول ديفيد مان، كبير الاقتصاديين الدوليين في بنك ستاندارد تشارترد، عن الاقتصاد الصيني ”من نهاية السبعينيات إلى الآن، رأينا أكبر المعجزات الاقتصادية في التاريخ“.

وكان هذا الثراء وهذا العيش الرغيد في الصين في نمو متصاعد حتى ظهر فيروس كورونا الذي سبب شللا في الاقتصاد الصيني، ووضع الاقتصاد العالمي في موقف صعب، فكل المؤشرات الاقتصادية تراجعت، بل أثر هذا الفيروس على الحياة السياحية بمختلف وسائلها.

لا أود الحديث عن آثار هذا الفيروس على الحياة السياسية أو الاقتصادية لتك البلاد، فهذا شأن المختصين، ولكن لنا في هذا الحدث وقفة قصيرة تتمثل في النقاط التالية:

الإيمان بقدرة الله

الإيمان بالله هو مصدر الرفاه في هذا العالم، وكل حضارة تعادي هذا النهج فإن مصيرها إلى الانهيار طال الأمد أو قصر، إن قدرة الله على تغيير معادلات الأمم لا تحتاج إلى أسلحة الدمار الشامل، ولا تحتاج إلى صواريخ عابرات القارات، ولا تحتاج إلى حروب طاحنة.

إن قدرة الله تتمثل في أصغر المخلوقات «فيروس» لا يرى بالعين المجردة، لكنه قادرٌ على قهر تلك القوات وتلك الغطرسة العالمية.

مقاومة الأزمات

قال الإمام علي : ”في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال“ [1] .

عندما تمر على أمة من الأمم أزمة ما فإنها تستخرج تلك الطاقات المدفونة في عقول أفرادها، وهذا الفيروس أشعل فتيل البحث عن سبل الخلاص من خلال:

أ» تنامي البحث العلمي حيث يواصل العلماء أبحاثهم العلمية بغرض التوصل لعلاج فيروس كورونا.

ب» استثمار التكنولوجيا الحديثة في الصين تساهم في الخطة العلاجية: فقد قفزت الطائرات المسيرة والروبوتات إلى الواجهة بوصفها أداة فعالة في نشر المعرفة بشأن الوقاية من العدوى، والقيام بمهام أخرى مثل فحص حرارة الجسم ورش المطهرات.

ج» زيادة النشرات ومقاطع الفيديو والمحاضرات العلمية التي تسهم في زيادة الوعي بكيفية الوقاية من الإصابة بهذا الفيروس.

التأكيد على النظافة الشخصية

لتجنب الإصابة بالأمراض المعدية الفيروسية أو البكتيرية ينبغي عليك وعلى أفراد أسرتك اتخاذ الاحتياطات التالية:

1» غسل اليدين بصفة متكررة بالماء والصابون أو بمطهر يحتوي على كحول. وقد حث ديننا الحنيف على هذا المبدأ حيث روي عن الإمام الصادق أنه قال: ”أغسلوا أيديكم قبل الطعام وبعده، فإنه ينفي الفقر، ويزيد في العمر“. [2] 

2» احتواء السعال أو العطس بثني الكوع لتغطية الفم أو بمنديل ورقي ثم إلقاء المنديل بسلة مهملات مقفلة.

3» تجنّب الاتصال القريب مع أي شخص تظهر عليه أعراض تشبه أعراض الزكام أو الإنفلونزا.

وقد ذكر علماؤنا هذه المسألة بقولهم: ”لا يجوز للإنسان الذي له مرض معدي أن يرتاد الاجتماعات ويباشر الموارد العامة الموجبة للعدوى، ولو فعل وتلف بسببه شخص كان ضامناً“ [3] 

كورونا ليس عقاباً

إن المؤمن ينظر إلى هذه الأزمة كنوع من الابتلاءات التي تمر على البشرية جمعاء، لتكون بمثابة محطة تمحيص واكتشاف مواقع الخلل في شخصية الفرد أو المجتمع.

وانتشار هذا الفيروس في المجتمعات الإسلامية ليس عقابًا إلهيًا بل هو أحد أنواع الابتلاءات حيث ورد عن الإمام الصادق - وقد سئل: عن ابتلاء المؤمن بالجذام والبرص وأشباه هذا؟: وهل كتب البلاء إلا على المؤمن؟! [4] .

لا مجال للسخرية

وفي ظل هذا الزخم الإعلامي والخوف والهلع لذا بعض المجتمعات، نجد للأسف بعض الأفراد اتخذوا موقفًا سلبيًا من هذا الحدث فصاروا يسخرون من المصابين بهذا الفيروس، أو يرسمون كاركاتيرات ساخرة، وبعضهم أنتج مقاطع فيديو ساخرة، أو تأليف نكت «سخيفة»!! يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ» «الحجرات آية 11».

قوي مناعتك

يمكنك تفادي العديد من الأمراض من خلال تقوية جهازك المناعي بتناول الغذاء الصحي كتناول الأغذية الغنية بفيتامين «ج» والثوم والشاي الأخضر والزنجبيل وغيرها من أغذية المناعة، وممارسة النّشاط البدنيّ، وتعزيز الصحّة النفسيّة.

لا لليأس

في هذه المحنة وهذا الابتلاء على المريض أن لا ييأس وأن لا يجزع بل عليه العودة إلى حصن الإيمان والتضرع إلى الله متذكرًا قوله تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ «83» فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ الأنبياء «84»

فهناك أمل ف ”لكل علة دواء“ كما قال الإمام علي [5] 

[1]  نهج الباغة، الحكمة 214



[2]  المحاسن ج2 ص 202 ح1594



[3]  كتاب المسائل المتجددة، المرجع الديني السيد محمد الحسيني الشيرازي



[4]  ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 1 - الصفحة 303



[5]  غرر الحكم ودرر الكلم

كاتب وأخصائي تغذية- القطيف