الإمام الهادي (ع)... كلامكم نور
تقلد الإمام الهادي منصب الإمامة الإلهي بعد أبيه في الثامنة من عمره الشريف" [1] وكانت مدة إمامته 34 سنة تقريبًا تميزت بالتحديات السياسية وما لازمها من اضطرابات وانتفاضات مناهضة للعباسيين، وانهيارات اقتصادية، وتحديات ثقافية وإثارة شبهات فكرية وعقائدية.
في ظل هذه الظروف الصعبة نجد أن الإمام قد مارس دوره الريادي في توجيه الأمة ومعالجة مشاكلها، فقد كان موجهًا ومربيًا لأتباعه توجيهًا وتربية بما يتناسب مع ظروف عصره.
فكان للإمام منهجية علمية تتمثل في الزيارة الجامعة وزيارة الغدير وكلاهما تهدفان إلى تعميق الولاء لأهل البيت والحفاظ على الأتباع من تلك التحديات.
كما كان للإمام عدة أحاديث وكلمات تربوية هي بمثابة خارطة تربوية لبناء شخصية الإنسان، وتعمل على إرشاده وتوجيهه لما هو أفضل، نذكر منها:
قال الإمام الهادي : الهزء فكاهة السفهاء وصناعة الجهال[2] .
السخرية والاستهزاء بالآخرين تعد من سمات الشخصية «المريضة»، فقد يعاني من انعدام الثقة بنفسه، أو نقص في شخصيته ويحاول أن يخفي هذا النقص بالسخرية من الآخرين.
وتتضخم مشكلة الاستهزاء حينما تجد لها أرضية مشجعة لممارستها، وحينما تتحول إلى وسيلة كوميدية يمارسها البعض على «السوشيل ميديا» عبر مقاطع فيديو ساخرة من فئة معينة أو طبقة اجتماعية لتصبح قوتًا للسفهاء والجهال يجنون منه مبالغ مالية خيالية.
روي عن الإمام الهادي أنه قال ”الحلم أن تملك نفسك، وتكظم غيضك مع القدرة عليه“ [3]
الحلم هو أن تكون قادرًا على ضبط نفسك كابتًا لغضبك، وترد السيئة بالحسنة مع قدرتك للرد بطريقة «الانفعال».
كما أن الحليم يتميز بالتفكير الهادئ والتقدير السديد لتلك المواقف المستفزة، فيقرر بطريقة سليمة أن يقابلها بمثلها، أو يعفو عنها.
وهذه الصفة تحتاج إلى تدريب وتهيئة نفسية كما ورد عن الإمام علي : إِنْ لَمْ تَكُنْ حَلِيماً فَتَحَلَّمْ، فَإِنَّهُ قَلَّ مَنْ تَشَبَّهَ بَقَوْمٍ الْأَ أَوْشَكَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ. [4]
قال الإمام الهادي : البخل أذم الاخلاق [5] .
قد يقال عن شخصية ما أنها شخصية بخيلة فهي تكتنز المال ولا تنفق منه شيئًا، فهي تمنعه عن نفسها وعمن حولها، لذلك تكون علاقات هذه الشخصية علاقات فاشلة مع جميع أفراد مجتمعه. وربما تمنى موت البخيل أقربهم إليه واحبهم له، لحرمانه من نواله وطمعًا في تراثه.
كما أن البخيل يعيش حياة الشقاء والتعب النفسي كما روي عن رسول الله ﷺ: أقل الناس راحة البخيل [6] .
وقد تحدث ربنا عن مصير البخيل بقوله: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [آل عمران: 180].
روي عن الإمام الهادي أنه قال: ”إياك والحسد فإنه يبين فيك، ولا يعمل في عدوك“ [7]
يُعد الحسد من أخطر أمراض النفس على الفرد والمجتمع، فهو يأكل قلوب الحاسدين، ويقطع الأرحام، ويدمر العلاقات الإنسانية، لذلك تجد الحاسد يعيش في زنزانة النفس؛ فهو يعيش لنفسه ولا يعترف بالآخرين ولا يسعد لسعادة الآخرين فهو يتمنى أن يستحوذ على خيرات الدنيا لنفسه فقط! كما أن الحاسد يعيش حالة من الهم والغم.
إضافة إلى أن الحسد من شأنه أن يمحي الحسنات كما ورد عن الإمام الهادي: ”الحسد ماحق الحسنات“ [8] .
كانت تلك مجموعة من الكلمات الذهبية التي عالج فيها الإمام مختلف القضايا التربوية والأخلاقية والنفسية.