الحب العنيف!
هل يمكن أن يكون الحب عنيفًا؟ أو بتعبير آخر «ومن الحب ما قتل!»، عندما نعود لبعض الممارسات الثقافية التي يتمحور حولها نمط معين من الحب، نجد أن العنف أحد تمثلاتها الظاهرية، والتي قد تكون عائدة لطبيعة الشخصية أو لثقافة سائدة في البيئة، أذكر بعض الأمثلة:
·المعاملة الجافة كالصوت الخشن أثناء المناداة أو الطلب أو التوجيه، ففي حالات كثيرة نجد أحد الأبوين يوقظ أبناءه لتناول الطعام مثلًا وإذا امتنعوا، امتعض ورفع صوته مُعيدًا صيغة الأمر بلحنٍ أكثر خشونة! المُثير في الأمر أن هذا التمادي في جفاف الصوت وحدة نبرته جاء بدافع الحب لهم ورغبته في إشباعهم!.
·التقييد الزوجي المفرط والذي يصل في حالات كثيرة إلى خلق القلق وإثارة المشكلات من أشياء بسيطة وربما من لا شيء! وهذه الممارسة تصدر من الأزواج بصور مختلفة ومتفاوتة، فقد تكون الممانعة المستمرة ومحاولة عرقلة طريق التقدم والعمل والدعم لأحد الزوجين من قِبل الآخر ناتجة عن قوة الحب والرغبة الملحة في امتلاك الآخر، المؤلم في هذا المسار العاطفي أن المنع والرفض يكون بدافع الحب الكبير، ولكن لسوء الحظ قد يتسبب هذا الأسلوب في قلب المعادلة وتبديل النتائج، فبدلًا من توالد الحب وتفرع صور التعبير عنه بالدعم والقرب والتلاحم، ينعكس لقوة منفرة لفرط الممانعة والانتقاد! فما أوجع من حُب يدفن مُحبوبيه!.
هناك الكثير من الممارسات الاجتماعية السائدة في مجتمعنا والتي ظاهرها خشونة ومنع تكون بدواع عاطفية انفجرت من الحب ولكنه انفجار عكسي، أتساءل كثيرًا: لماذا لا يدرك الفرد أن للحب صورًا متعددة؟ أجملها أرقها وألطفها، فالحب لا ينمو بين الأشواك وفي الصحراء بل إنه بحاجة ماسة للدفء والماء العذب ليزيد من خصوبته!.
فأين المشكلة؟ قد تُشكل البيئة عاملًا رئيسًا في شخصية الإنسان وأسلوبه مع الآخرين، اللغة، درجة الصوت، نغمته، كذلك طريقة التفكير، فالفرق شاسع بين التعبير عن الحب بالكلمة الحنونة واللحن الدافئ والأخرى الحادة واللحن الخشن! كما أن الاختلاف شاهق بين حُب ينمو بالإحساس بالآخر ومحبة رؤيته سعيدًا، وحبُ يذبل بالانتقاد المتكرر والضدية الموجعة نفسيًا!.
الخلاصة، متى ينتبه الإنسان لحبه ويخطو في سبيل رعايته ودعمه لا قتله؟.