شخصية قيادية متميزة
الشخصية الناجحة هي شخصية تمتلك العديد من الصفات الإيجابية، فهي تعيش يومياتها بروح العمل والتفاؤل، وتسعى دائمًا لصناعة أجواء إيجابية، وتتعامل مع تقلبات الحياة ببصيرة نافذة. ويمكن أن نطلق عليها ب «شخصية قيادية متميزة».
لا تقاس القيادة بالصدارة والدرجة الأولى وبلوغ المناصب العليا، بل القيادة لها مواصفاتها ومقايسها ومنها القدرة على التحول من الفردية إلى الجماعية من خلال قدرة التأثير وتحويل تلك القدرات الفردية إلى طاقة جماعية هائلة تحدث تغييرًا هائلًا في الوسط الذي تتواجد فيه.
وهذا يعني أن هذه الشخصية تمتلك مواصفات تؤهلها لصناعة هذا النجاح، نذكر منها:
ويصطلح عليها «إسلاميًا» البصيرة النافذة، حيث روي عن الإمام علي أنه قال: ”فإنما البصير من سمع فتفكر، ونظر فأبصر، وانتفع بالعبر، ثم سلك جددا واضحا يتجنب فيه الصرعة في المهاوي“ [1] .
القائد الذي يصنع تميزًا هو من يمتلك رؤى وبصائر وأهداف واضحة في مسيرته وصفات فكرية ثاقبة ومستوعبة للواقع المعاش، فكل خطوة وكل كلمة ينطقها فهي منطلقة من رؤية سليمة وليست كلمات ووعود فارغة.
القائد الذي يصنع التميز هو من يغير من حوله ويوقظ فيهم تلك الهمة العالية وتلك الفعالية في إنجاز الأعمال لصناعة مستقبلًا زاهرًا.
القائد المتميز لا يقبل من ينجز أعمالًا بلا روح، ولا يقبل من يمشي «يجر قدميه زاحفًا كالسلحفاة»، لذلك نجد القائد المتميز يدفع بالآخرين للنشاط، ويدفع بالآخرين للاستفادة من قدراتهم والانطلاق بهم نحو قمم النجاح.
القائد المتميز هو مصدر إلهام لمن حوله، وما أجمله من قول: ”إذا كانت تصرفاتك تلهم الآخرين على أن يحلموا أكثر، ويتعلموا أكثر، ويفعلون أكثر ويصبحون أكثر، فأنت زعيم وقائد“.
القائد المتميز هو من يخلق مناخًا من العمل الجمعي، فهو يرفض الاستبداد بالرأي ويرفض الفردية في العمل، وهذا ما أكد عليه الإمام علي حيث قال: والزموا السواد الأعظم، فإن يد الله مع الجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشاذ من الناس للشيطان، كما أن الشاذ من الغنم للذئب [2] .
وعندما يسود العمل الجمعي في وسط ما فإنه يؤدي إلى قوة العلاقات بين الأفراد وزيادة الثقة بينهم والتوافق في أفكارهم، مما يسهم في إنتاج أعمالًا مميزة.
التميز يعني عدم القبول بالحاضر، وإنما هو تفكير مستمر نحو الإبداع والابتكار، لذلك نجد القائد المتميز يمارس التفكير الإبداعي والابتكار المستمر ويفكر خارج الصندوق للتوصل إلى أفكار فريدة وتحويل تلك الأفكار والأهداف إلى حقيقة واقعة.
روي عن الإمام علي أنه قال: من أسهر عين فكرته بلغ كنه همته [3] .
وعنه : من طالت فكرته حسنت بصيرته [4] .
القائد الحقيقي هو الذي يصنع قادة من فريقه ويقويهم ومن ثم يطلقهم للحياة العملية ويطلق لهم العنان ليحلقوا بمهاراتهم.
القيادة المتميزة هي التي تصنع قيادات تواصل المسيرة، والقائد الحقيقي هو الذي يسمح لمن حوله بالنمو، فهو يعزز فيهم روح الاجتهاد، ومواكبة التغيرات والعمل على تطوير الذات.
لذلك تجد المشاريع الناجحة تنموًا نموًا وتتصاعد إنتاجيتها لأنها تهتم بتأهيل الأجيال وتسعى لتدريبهم ليواصلوا مسيرة العمل.
إن القائد الحريص على ديمومة عمله يعي أن إنتاج القيادات المتميزة هو من اساسيات «خطة النجاح».