آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 8:09 ص

الفقر التربوي

ميثم المعلم

الطفل كائن ملائكي ضعيف بريء، وهو نعمة من نعم الله العظمى على الإنسان لا يعرف قيمتها إلا من حُرم من هذه النعمة الكبرى. والطفل يعد اللبنة الأساسية لبناء الأسرة والمجتمع، لذا تهتم المجتمعات المتقدمة اهتمامًا كبيرًا بأطفالها جسديًا ونفسيًا وفكريًا وثقافيًا وعلميًا، من أجل أن يكونوا في المستقبل أناسًا مبدعين ومخترعين ومفكرين.

أيها الأب العزيز، وأيتها الأم الكريمة هل ضربتما طفلكما في يوم من الأيام؟ كيف دافع عن نفسه؟ كيف كانت حالته النفسية؟ ماذا فعل غير تحمل الضربات والشتائم والبكاء أمامكما؟

لقد أكد التربويون أن المعاملة القاسية، والعقاب الجسدي، والشتم، والعتاب، والتحقير، والإهانة، كلها تؤدي إلى تحطيم شخصية الطفل، وفقدان الثقة بنفسه وبمن حوله، وتترك أضرارًا جسيمة ومضاعفات كبيرة على نفسية الطفل،، وتخلق منه إنسانًا سلبيًا يحمل في قلبه مشاعر الغل والحقد لأفراد المجتمع، وينظر للحياة نظرة عدوانية مملوءة بالتشاؤم والبغض وحب الانتقام.

والعكس صحيح المعاملة الرقيقة، والعفو، والعطف، والحوار، والاحترام، والتقدير، والتشجيع، كلها تؤدي إلى تنمية شخصية الطفل، وتنمي ثقته بنفسه، وبمن حوله، وتخلق منه إنسانًا إيجابيًا فاعلا ً ومشاركًا في تنمية المجتمع، ويحمل في قلبه مشاعر الحب والرحمة للناس، وينظر للحياة نظرة مشرقة مملوءة بالتفاؤل والمودة وحب الخير للآخرين.

قال الإمام الصادق : ﴿أكرموا أولادكم، وأحسنوا آدابهم يغفر لكم.

أيها السادة إن سبب المشاكل النفسية والاجتماعية التي نراها عند بعض الأولاد إنما سببها الفقر التربوي عند بعض الآباء والأمهات، حيث أنهم لم يقرؤوا كتابًا واحدًا في حياتهم عن علم التربية، ولم يأخذوا دورة واحدة في فن التعامل التربوي، ولم يحاولوا أن يتعلموا الأساليب الحديثة في فن التربية، ولم يطوروا أنفسهم تربويًا، مما سبب الكثير من المشاكل الأسرية، والجرائم الاجتماعية، والانحرافات الأخلاقية لبعض الأبناء الذين هم ضحية التربية الخاطئة والغير صحيحة.

إن جهل الأبوين بقواعد التربية السليمة أدى إلى أخطاء فادحة في حق الأبناء، مما نشأ لدى الأطفال ميول وسلوكيات سلبية مثل القسوة والعنف والكذب والحسد والخجل، والخوف والقلق والسرقة والشعور بالكآبة، والتمرد على القيم الأسرية والاجتماعية، وغيرها من المشكلات السلوكية.

إن الطفل في بداية حياته كالنبتة يجب أن تنمو في ظل ثقافة الوالدين التربوية، فتزهر وتنضج وتثمر. فالقيم الأخلاقية الطيبة، والمبادئ الاجتماعية الخيرة، الذي ينشأ عليها الطفل في الأسرة هي التي تشكل وجدانه النفسي والاجتماعي والفكري، وتخلق منه فردًا إيجابيًا صالحًا، لذلك اعتبرت الأسرة بيئة مقدسة تتحقق فيها السعادة للأبناء.

قال رسول الله ﷺ: ﴿كُلُّكُمْ راعٍ وَكُلُّكُمْ مَسؤُولٌ عَنْ رَعِيّتهِ.