آل سيف: ”حمام داري أطربهم“ و كتابي الجديد قريباً

أنا ككاتبة أرى الحياة كلها كمساحات بيضاء على ورق، تستفز أفكاري ولابد لقلمي أن يكتب برأسه مايجول برأسي حتى تدب الروح في كل مايراودني من فكرة، المواقف الغابرة والخيالات القادمة، والذكريات لا أكتفي لها أن تكون مجرد صور في براويز ذاكرتي، كان لابد لي أن أصبها في كأسي وأتجرع مذاقها على مضض ثم لاأنتشي إلا حين أصيغ منها المواقف والعبر كما أشتهي وأحب، كلماتي هي الصرخة التي اجيدها لإسماع الناس صوتي، وهي الرغبة في الطغيان في بسط أفكاري على نحو ناعم في الولوج إلى النفوس، غالباً ماتزاحم رأسي الكلمات وتستفزني على مدى سنوات من عمري كلما أهملتها عادت وحاربتني بضراوة أكثر لتتسلطن على ووُريقاتي، فلا أملك إلا أن أستسلم لها، لي أذن تسمع حكايا الناس على نحو مختلف ولا أستطيع إلا أن أكتب عن كل ما أراه وعن كل مايثير قلمي وفكرتي، والأهم من ذلك كله أن كل كاتب وإن اختلفت أفكاره فهو يؤذن في الكون نفس النداء حين يحين وقت قلمه فيقول: استمعوا إلي انظروا للأمر بطريقتي غيروا آرائكم، وإن تم تجاهل صوته الخفي فسيشعر وكأن المذاق الأشهى لنفسه في الحياة قد بدأ يتلاشى عن حواسه، وأما عني الفنانة فهي روح الجمال التي تنجذب لأشباهها أينما حطت عيناها ويداها وحواسها، أنا لا أبحث عن الجمال في شكله بل أتوغل فيه وأبحر حتى القعر وكان سبيلي الأعمق لذلك هو الفن والرسم، كل لوحة وكل خط يخطه فنان وإن شط عن قوانين الفن التشكيلي يكفيني أن أستشف الجمال في بقعة ظل أسقطه ضوء بفعلة أيدي مبدعة، أنا منذ الصغر أعيش بين ريشتي وأحرفي تقلبني هذه يمنة وتقلبني تلك يسرى، تسري أفكاري من رأسي إلى يدي يحركها قلم أوريشة وأنا أعيش بينهما، فأنا لا أستطيع أن أفرق نفسي عن نفسي ككاتبة وفنانة.

لا أعتمد ولا أتعمد أسلوباً، بل أترك الكلمات تزخرف نفسها في كل مرة حسبما تقتضيه الفكرة، قد تجد لي بعض المقالات تفترق عن غيرها وذلك حسب الحالة الوجدانية والفكرية والزمانية الي كتبت فيها، على صعيد الكتابة المقالية تأثرتُ كثيراً بالكاتب الكبير مصطفى لطفي المنفلوطي والكاتب مصطفى أمين، أميل لكتاب الزمن الماضي أكثر، وعلى صعيد الكتابة القصصية تأثرتُ بكتابات الدكتورة خولة القزويني، ووليم شكسبير، تأثرتُ بالكثير ممن قرأت لهم ولكن تعلمت البناء اللغوي والسردي من هؤلاء.

وجدتُ الدعم الكبير من أسرتي منذ الصغر، أستطيع القول ”حمام داري أطربهم“ إن صح المقال.

رسالتي أن لا تكون كتابتي مجرد كلمات تطرب وتعزف على أوتار الورق بنغمات يتذوقها القاريء ويحب إعادتها لأنها قد ملأت روحه فقط، رسالتي أن تحدث أمراً في نفسه أن تكون الفكرة قد حركت فكره وطرقت باب نفسه ولو طرقاً طفيفاً لكنها أثرت في المحيط بمنفعة أو فائدة قيمة، أن يقرأ ما أكتب فرد واحد ويفكر، أفضل من أن يقرؤه المئات من دون تفكر.

نعم هناك فكرة مستقبلية لطرح كتاب خاص بي وأتطلع أن يكون جاذباً نافعاً يمثل طاهرة الفنانة والكاتبة وأنا في طور إعداده قريباً بإذن الله.

أشكر كل من قرأ الحوار لأنه قاريء، والقراء مهددون بالإنقراض في زمن متسارع قد لا يجد به الواحد منا متسع يجالس فيه كتاباً.