آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 1:35 م

حفل زفاف بأقل تكلفة وأغنى بهجة

ليالي الفرج * صحيفة الرأي السعودي

يتضمن محتوى هذه المقالة دعوة صريحة ومباشرة للمقبلين على الزواج وعوائلهم للتفكير خارج الصندوق، والذي يبدو أنه مُتشبع بالأنماط والعادات شبه الثابتة لتلك الصورة النمطية لحفلات الزفاف.

كما نعلم، أنه حين يُقْدِم الشاب على خطوة الارتباط بفتاة، ليكمل نصفه الآخر، ويسعى لأن تتحول حياته لمرحلة تتسم بالنضج المتكامل، ويبني حياته الأسرية مشاركةً مع رفيقة حياته، فهو يعيش مرحلة مُثقلة بالمتناقضات وبالمنهِكات المادية والذهنية والعاطفية، وتحاوطه صور جمعيَّة لرؤية مجتمعية متراكمة، ورسائل صريحة ومبطنة من محيطه العائلي، وهذا ما يجعل من مجتمعنا يتقوقع في دائرة نمطية لا تخلو من السطحية وإيذاء الذات في كثير من الأحيان.

لذا نجد هذا الشاب الذي يتوق لحياة العمر الجديدة، والمستقبل المتلوّن بالأحلام والآمال، ينصدم بالكم الهائل من المراحل التي تسحبه لدوامة الديون، وحتى وإن كان مقتدرًا ماديًا فهي تسحبه بحبل التبذير نحو هاوية الإفلاس والقضاء على تحويشة العمر، فتصبح تلك التحويشة في عداد الأفول.

من الأجدى أن يتجاوز المجتمع ذلك في ظل التضخم المادي وارتفاع الأسعار، بأن يكسر القاعدة التي تحولت لطقوس إلزامية، وكل عائلة تُطَبِّق ما تقوم به من العوائل الأخرى، والفتيات في تأثر ملحوظ بمشاهير وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا، وكأن تلك المراسم كتاب مُنَزَّل من السماء، وما خالف تلك الصور فهو تحريف.

ثلاثة مشاهد لو أمعنَّا فيها، لأدركنا أن لدينا القدرة على الموازنة بين مستوى الفرح والبهجة وبين مقدار الهدر المادي الذي قد يفوق متوسط الدخل لشبابنا ولعوائلهم الداعمة لهم في هذه المرحلة المُثقلة بالمسؤوليات.

الأول: حوار ساخن وطويل جدًا، امتد لعدد من الشهور، بين أم وابنتها التي تستعد لإقامة ليلة العمر، كانت الأم تُحاول إقناع ابنتها أن تقيم حفل زفافها في النهار بدلًا من الليل، وأيُّ ليلٍ! إذ تمتد حفلات الزفاف للفجر، فأهل العروس لا يغادرون صالة الأفراح إلا وقد ارتفع صوت أذان الفجر، نتيجة هذا النقاش، اقتنعت الفتاة بفكرة والدتها مع قلقها وتخوفها من أن عدد الحضور ربما سيكون محدودًا، وهذا قد يسبب لها إحباطًا لقلة عدد الحضور، لكن ما حدث عكس ذلك، كان الزفاف رائعًا وعدد المهنئين فاق التوقع.

المشهد الثاني: على قناعة تامة قررت الفتاة وخطيبها أن يكون حفل الزفاف في منتجع جميل، وفي أحضان الطبيعة الخضراء، خاصةً أنه شهر ديسمبر بأجوائه الباردة، وتم تهيئة المكان وتنسيقه كما لو كان صالة أفراح، غير أن الفرق أن سعر استئجار المنتجع أقل بكثير من سعر صالة الأفراح، والتي نلحظ المبالغة في أسعار بعضها، كانت ليلة مبهجة للغاية وبأقل التكاليف وأجمل التفاصيل.

أما المشهد الثالث: فهو من بَنَات أفكاركم أنتم، أنتَ كقارئ تمتلك نسبة من الوعي والاستقلالية في طرح أفكارك، يمكنك أن تُبدع في طرح أفكارك التي ترفع بها نسبة وعي المجتمع، وتصنع بكلمتك فارقًا إيجابيًا لملامح من السلوك المجتمعي المتزن، وتساهم في دفع جيل كامل من الشباب لتجاوز هذه المطبات، وتقلل من نسبة عزوف شبابنا عن مشروع الزواج.

وأخيرًا، أبتهل لله بأن يبارك لبناتنا وأبنائنا ويكتب لهم حياة مليئة بالحب والتفاهم والاستقرار.

كاتبة رأي في صحيفة الشرق السعودية
شاعرة ومهتمة بترجمة بعض النصوص الأدبية العالمية إلى العربية ، ولها عدَّة بحوث في المجال التربوي.