مفاهيم حياتية 4
الناس من طبيعتهم التلقائية، أن يلقوا باللائمة على شخص ما أو سبب ما كمصدر للنَتائج المُؤسفة أو الأحداث السلبية التي حصلت لهم في حياتهم، بدلًا من توجيه اللوم لأنفسهم. عندما تُلِمُ بك مشكلة أو يصيبك إخفاق، من السهولة بمكان إلقاء اللوم على المؤثرات الخارجية. تصرف كهذا قد يُشعرك بالراحة، أو كما يبدو لك حينها، لكن ذلك لا يُعتبر حلًا جذريا للمشكلة، بل يقع ضمن ما يُعْرف بالمُسكنات.
دخولك في هذا النفق من الوهم يجعلك تشعر كأنك أقل معاناة، وأنه ليس من شأنك القيام بأي مبادرة تُذكر لتغيير واقع الحال، أو إصلاح أي ضرر قد أصابك..! عزيزي الفاضل، هذا التصرف الغير مسؤول لن يأخذك بعيدًا في حياتك الآنية أو المستقبلية، ولن يُوصلك إلى هدفك كما كنت تتصور. الأولى بك أن تقوم بإجراء ما، أو أن الآخرين من حولك سيتّخذون القرار نيابةً عنك، وعليك تحمل النتائج.
إذا كانت الحياة قد أوصلتك إلى حالة مزرية من الإذلال والإنتقاص، وأنك تعتقد أن كل ما يحصل لك من تعاسة ومِحَنْ، سببه تأثرك بقوى خارجية، تتمثل في أفراد يضعون العُصّي في عجلة تقدمك وإنجاز مهامك على الوجه المطلوب، فإن هناك ما يمكنك القيام به للحؤول دون تردي وضعك أكثر مما هو عليه..!
خوفك من الإخفاق أو الفشل أو الإنكسار، سمّه ما شئت، هو سبب جوهري وأساسي في توقفك عن متابعة العمل، وأخذ زمام المبادرة في التصدي لمشاكلك، وهذا ما يقلل من نسبة نجاحك المُحتملة في الكثير من أمورك الحياتية. لُبَاب القول، هو أنك عندما تفشل، فإنك تتعلم، وعندما يكون فشلك كبيرا، فاعلم أن تعلمك من تلك التجربة، سيكون كبيرًا هو الآخر. وهذه ليست دعوة للآخرين بأن يفشلوا في حياتهم.
لا تتوهم أو تفترض أن ذكائك وقدراتك الفطرية ومواهبك الخام، قد تؤدي وحدها إلى نجاحك. عليك أن تستثمر طاقتك ووقتك في تطوير مهارات جديدة، واكتساب معارف تستكشف من خلالها طُرُقًا مُختلفة ونوعية لتحسين نمط العيش في حياتك. اعتناقك وتبنيك لهذه المفاهيم التعليمية من الحياة، من شأنه أن يُوصلك إلى استقلالية قراراتك واختياراتك. عندها فقط، يُمكنك تحديد مساحة مَلْعَبك والانطلاق إلى عَوَالم أُخْرى من التفوّق والظهور.
”لا يمكننا تغيير ما لسنا على علم به، وبمجرّد علمنا لا يسعنا سوى التغيير“ شيريل ساندبرغ، كاتبة، ورئيس عمليات التشغيل في الفيسبوك. الإنسان في مجتمعنا اليوم بالكاد يقوم بمراقبة وإدارة أفكاره وأحاسيسه بشكل موضوعي، فما بالك وتداخلاته ومُخْرَجَاته اللفظية مع أفراد مُجْتَمعه، أو حتى الأقربين منه..!
إذا كُنت من نفس الخامة والنسيج فمن الطبيعي أن تكون لك ردّات فعل سلبية على ما تستقبله أو تلحظه من أفعال وأقوال، ضمن عيشك الروتيني وفي مُحيط بيئَتك الحياتية. لذلك عليك بذل جهود كبيرة ومُضَاعَفة، لتكون في موقع الرقيب والمسؤول عن ما يصدر منك من تصرفات، وعدم الانجرار إلى تَوافه الأمور التي تحصل لك.
الحياة على كونها مليئة بالتحدّيَات، فإنها مُكتظّة بتوافه القول والعمل، للأسف ليس لدينا اليد الطُوْلى في السيطرة عليها. عندما نتفهّم أن الطاقة التي نستهلكها في إدارة أنفُسنا، هي أقل بكثير من الطاقة التي نستهلكها في محاولاتنا البائسة لتغيير الآخرين، عندها فقط نتوقف عن مقاومَة تلك الحقيقة المُرّة، ونبدأ في التركيز على تطوير أنفسنا، والعمل على أخذها إلى مستويات مُتقدمة من النمو والرفعة. دمتم سالمين
«للحديث بقية»