لغتي الخالدة
سلاماً على من زيّنت أحرفها القرآن الكريم، سلاماً على من أوحى الله لِنبيه الكريم أن يقرأ ويتعلم من خلالها بلسان مُبين، وسلاماً على من حملت الجواهر في بطونها وأولدت لنا العلماء والأدباء والمفكرين، وسلاماً على من حاول أعداؤها أن يدثروها ولكن أبت إلا أن يتم نورها ولو كره الكارهين.. سلاماً على أمِّنا الرؤوف ونحن بفضلها مبدعين..
إليكِ يا أُمي أكتب واستعرض بمقالي المتواضع القليل مما تحملين فلو أبحرت في اعماقكِ لما كفاني من المجلداتِ الملايين.
اللغة العربية لغة الأم الخالدة..
فهي لغة القرآن الكريم التي تُطرب المستمع عند سماع تراتيل أحرفها الأبجدية الثمانِ والعشرين، وهي لغة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم.
واللغه العربية «لغة الضاد» من أقدم اللغات ويعود أصلها للغات السّامية وهي أكثر اللغات انتشاراً وتحدثاً في العالم يتحدث بها الملايين من البشر الذين يتوزعون في الوطن العربي والعديد من المناطق المجاورة، فهي تحتل المركز الرابع أو الخامس من حيث اللغات الأكثر انتشاراً في العالم، واللغة الرابعة من حيث عدد المستخدمين على الإنترنت، ولها أهميه قصوى لدى المسلمين كونها لغة القرآن الكريم واللغة التي تتم من خلالها ممارسة جميع العبادات والشعائر الإسلامية ولها تأثير مباشر وغير مباشر على كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي.
وقد كان العرب سابقاً يتفاخرون بقدرتهم على نظم الشّعر وضرب الأمثال والنّثر والبلاغة، ولو أردنا أن نضرب المثال على ذلك لكفانا كتاب «نهج البلاغة» للإمام علي ع سيد البلغاء ويكفينا منه دعاء الصباح الذي أبدع بكلماته العربية الفصحى واختار أجمل المفردات والعبارات اللغوية البليغة التي يعجز عن تفسيرها أي إنسان.
وقد قال الله تعالى في محكم آياته:
«وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ»،
لذلك حظيت لغتنا العربية بالكثير من الإهتمام والعناية كونها لغة الإعجاز الخالدة «القرآن» الذي أعجز الله به ماكان، ومن سيكون إلى يوم يبعثون.
فقد كان معظم الناس قبل الإسلام يتفاخرون ببلاغة وفصاحة لغتهم إلى أن أنزل الله على نبيه الكريم قرآنه المجيد بلسان عربي مبين وبلغة عربية فصحى، فهي تتصف بقوة الخطاب الإلهي وثقل العبارات والكلمات، تتخللها جملٍ بليغة، وتحتوي على الكثير من التّشبيهات والإستعارات، والأساليب اللغويّة، ممّا أضاف لمكانة اللّغة العربيّة درجاتٍ كثيرةٍ، حتّى أصبحت اللّغة الخالدة في العالم.
وقد أجرت جامعة برمنجهام البحوث في بقاء اللّغات من عدمه في المُستقبل فوجدت أن اللغة العربية خالدة لن تنقرض أبداً مع مرور الأزمان.
فهي تحوي الفصاحة والترادف وعلم الأصوات ودلالتها على المعاني وعلم العروض والثبات الحرّ وكثرة المفردات.
وقد كان الشعراء والبلغاء والأدباء يتنافسون في إبراز أجمل حُلي إبداعاتهم العربية في الشعر والكتابة والأدب وبرزت أسماء كثر في تلك المجالات التي يفخر لها العرب.
ولو تطرقنا لكل اسم من تلك الأسماء العظيمة لطال بنا المقام،
وليس فقط المسلمين من يشهد لجمال وروعة اللغة العربية، بل شهد لها حتى أعداء الإسلام، مثل المستشرق الإيطالي ”جويدي“ حيث تغزل باللغة العربية قائلا: ”اللغة العربية الشريفة آية في التعبير عن الأفكار، فحروفها تميزت بانفرادها بحروف لا توجد في اللغات الأخرى، كالضاد والظاء والعين والغين والحاء والطاء والقاف، وبثبات الحروف العربية الأصيلة، وبحركة البناء في الحرف الواحد بين المعنيين، وبالعلاقة بين الحرف والمعنى الذي يشير إليه. أما مفرداتها، فتميزت بالمعنى والاتساع والتكاثر والتوالد، وبمنطقيتها «منطقية في قوالبها»، ودقة تعبيرها من حيث الدقة في الدلالة والإيجاز، ودقة التعبير عن المعاني.“
وقد تم اختيار ”الثامن عشر من شهر كانون الأول ديسمبر“ من كل عام، يوماً عالمياً للإحتفال باللغة العربية، فهو اليوم الذي قررت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة، إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل المقررة في الجمعية العامة ولجانها الرئيسية، وإدخال العربية من ضمن لغات الجمعية العامة والرئيسية لما لها من دور هام في حفظ ونشر حضارة وثقافة الإنسان.
كما أن لها دور كبير وبارز في تغير مفاهيم الكثير والكثير من العرب والغرب فهي لغة التعبير عن الأفكار والمحسوسات، فإذا ضعفت معرفتنا بها ضعُف مستوانا الفكري والتعليمي وضعف كذلك فهم القرآن والإسلام بشكل صحيح فبِها تُبنى الحضارات والثقافات والعلوم وستظل خالدة إلى قيام يوم الدين.