نحو جلسات فعالة
قال رسول الله ﷺ: ﴿جلوس المرء عند عياله أحب إلى الله تعالى من اعتكاف في مسجدي هذا﴾ «1».
قال له المدرس: ألم يقرأ والدك تقريرك الدراسي؟!
أجاب الطالب: لم أرى أبي يوم أمس...
سأل المدرس: لماذا؟ هل هو مسافر... أم ماذا؟!
أجاب الطالب: لا يا أستاذ أبي يعود من عمله متأخرًا... ثم يغادرنا للجلوس مع أصدقائه... أبي مشغول!
الكثير منا يصرف ما يقارب 10 ساعات في مجال العمل الوظيفي.... يعود من عمله مرهقًا... ربما ليس له رغبة بالحديث مع عياله...
ربما يبدأ برنامج الزيارات والمناسبات الاجتماعية بعد صلاة المغرب... وتستمر حتى التاسعة والنصف... ويعود الأب ليجد أن أفراد الأسرة قد خلدوا للنوم...
هكذا هو حال الكثير منا...
لقد أصبحت لغة التواصل بيننا وبين أفراد عائلتنا مفقودة بسبب تطور الحياة اليومية، وأصبح كل فرد من أفراد العائلة يعيش حالة من الانطوائية!!
لذلك علينا أن نقف لحظة مع أنفسنا ونعيد تلك الجلسات العائلية لتعم أجواء المنزل حالة من الوئام والسعادة، فالتواصل الأسري هو مفتاح سحري لسعادة الأسرة ويبعد عنها كل أشكال التوتر والسلبية.
وقد تتخذ تلك الجلسات عدة أشكال منها:
لا يوجد عمل يمكنه أن يعوض الوقت الجميل الذي من الممكن أن تقضيه مع أسرتك والتحدث إلى أفرادها ومعرفة ما يحدث في حياة كل منهم، لذلك اجلس مع عيالك جلسة ملؤها الحب، جلسة تكون مشبعة بحنان الوالدين، تتم فيها تبادل الأفكار والأحداث اليومية، والتشاور في بعض القضايا الخاصة بالعائلة.
اجلس مع أطفالك ودعهم يتحدثون وأنت تستمع لهم، أنصت بكل جوارحك، ودع أطفالك يشعرون بأنك مهتم بحديثهم، لا تقلل من أهمية الحديث، بل تفاعل معه، وعلق عليه بطريقة إيجابية.
اجعل الجلسة مثمرة ومفيدة، فهم يفرغون ما لديهم من أفكار وأنت تستقبلها وتحللها لهم وتعطيهم أفضل النصائح، هكذا تكون الجلسة التفاعلية.
علينا أن ننظم جلسات حوار مع الأبناء التي من شأنها بناء شخصية قوية لهم، ويمكن استثمار أوقات الفراغ وأيام العطل لتكون فرصة إيجابية في محاورة الأطفال والإجابة على استفساراتهم.
روي عن الإمام الصادق أنه قال: «بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن تسبقكم إليهم المرجئة» «2».
ومن خلال هذه الجلسات يمكننا بناء بعض الأهداف في شخصية الطفل منها:
إعطاء الطفل مكانته في عالم الأسرة فهو له دوره ورأيه فيما يتعلق بأمور الأسرة.
احترام الرأي الأخر.
تنمية القدرة الذهنية للطفل.
تشجيع الطفل على المناقشة والتحدث مع الآخرين بأسلوب ثقافي متحضر.
قال رسول الله ﷺ: ﴿من كان عنده صبي فليتصاب له﴾.
وروي عنه ﷺ: ﴿من كان له صبي فليتصاب له﴾ «3».
الحياة ليست جد وعمل فقط... بل هي مزيج بين الجد واللعب... هناك أوقات للجد وهناك أوقات للعب والمرح.
لذلك أوضحت أبحاث عديدة أن مشاركة الأب الفعالة في تربية الطفل منذ الولادة، وقضائه وقتا أطول معه يعود بفوائد عديدة على صحة الطفل.
يقول بول رامتشانداني، الذي يدرس دور اللعب في التعليم والتنمية والتربية بجامعة كامبريدج: إن اللعب هو لغة الطفولة، التي يستكشف بها الأطفال العالم، ويبنون بها علاقاتهم مع غيرهم من الأطفال. وقد راقب مع فريق من الباحثين بعض الآباء أثناء لعبهم مع صغارهم حديثي الولادة وتتبع نمو هؤلاء الأطفال، وخلص إلى أن التفاعل الإيجابي بين الأب وصغيره في الشهور الأولى يلعب دورًا مهمًا في نمو الطفل.
لذلك لابد من المرح مع الطفل، واللعب بما يناسب مرحلته العمرية.
أخيرًا إننا بحاجة إلى تفعيل جلساتنا مع أفراد العائلة فهي جلسات لها دورها في استقرار العائلة وبناء شخصيات أطفالنا بناءً ناجحًا.