العمل التطوعي فن وارتقاء
عندما يخطر بذهني سيرة إحدى الشخصيات التي يصدح صداها بالمجتمع ويخلد ذكراها بعد الممات بأروع القصص البطولية والمواقف المشرفة
يجول بخاطري عدة تساؤلات منها..
ما الذي قامت به تلك الشخصية حتى وصلت إلى هذا القدر من التكريم والحفاوة من المجتمع
هل جاء هذا التكريم من فراغ!!
أم جهود بُذلت، ووقت استنزف في خدمة المجتمع بشتى الصور؟
وعندما أبحث في أعماق تلك الشخصية وأجول في سيرتها الذاتية أجد أن لها أعمال جليلة وبصمة تطوعية في خدمة الدين، والمجتمع، والأفراد.
ولو تطرقت في هذه المنصة لسيرة بعض الشخصيات العظيمة من مجتمعي الأحسائي أو من خارج المجتمع ممن مثلوا شتى أنواع التطوع لـ طال المقام.
إذاً العمل التطوعي منصة يرتقي من خلالها العظماء لايبتغون من ورائه سوى الأجر من الله وخدمة الوطن والفرد والمجتمع.
يقول الله عز وجل «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»
وقوله تعالى «فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ»
«وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ»
فالتطوع واجب إنساني ووطني يحث عليه الإسلام
ف ترتقي به البلدان والشعوب ويقوي أواصر الأخوة ويكتسب الفرد من خلاله الخبرة والثقة كما أنه إستغلال للوقت بما ينفع الفرد والمجتمع.
ولا يقتصر التطوع على عمل معين، فمجال التطوع لاحصر له بل يتجاوز الكثير حتى يصل للكلمة الطيبة التي إذا قيلت بدافع التشجيع والدعم المعنوي تعد تطوعاً نبتغي من ورائه خدمة الفرد والمجتمع.
ومن صور التطوع:
التطوع المادي «المال».
التطوع الفردي مثل «التطوع بالمساجد والمحافل وبالشوارع والحدائق».
التطوع الجماعي التعاوني مثل «التطوع في لجان المؤسسات والجمعيات الخيريه ودور الأيتام وغيرها».
ولكن للأسف نجد في وقتنا الحاضر غياب هذا العمل التطوعي بصوره عامة بالرغم من جهود بعض الجهات وقد نعلق هذا الغياب بسبب جهل المجتمع والأفراد بأهميته أهدافه أو استغلاله لصالح فئة دون فئة.
أو عدم تشجيع أولياء الأمور لذويهم بالمشاركة التطوعية.
وعدم وجود الدورات التدريبية الكافية التي يحتاجها المتطوع.
فكم يؤلم مثلاً شكل النفايات بالحدائق والشواطيء وفي الشوارع التي تعمل على تشويه البيئة بصورة غير حضارية.
كم هو مؤلم أن نعكس للغرب صوراً من التخلف الأخلاقي والفكري العربي بسبب غياب الحس التطوعي وأهميته.
كم هو مؤلم أن يفقد المجتمع روح التطوع التعاوني والإيثار بين الأفراد حتى بالكلمة الطيبة.
فقد قال النبي الأكرم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام: االمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وشبك بين أصابعه»
إذاً الفرد والجماعة والمؤسسات والجهات الحكومية جزء لايتجزأ من بعض.
فالفرد تقع عليه المسؤولية الكبرى..
كُن المبادر الأول في حملة التطوع لاترمي نفاياتك خارج منزلك وعملك وسيارتك إلا بالمكان المخصص لها..
ساهم بحملات التنظيف حتى تربي أطفالك على العطاء، وتنشأ في بيئه صحية نظيفة..
إغرس شجرة، إسقي زرعاً، حافظ على جمال ونظافة البيئة..
إدعم الجماعات بالتطوع، وإن كنت لاتمتلك الوقت الكافي للمشاركة وكنت تملك المال إدعم هذه الحملات بمالك.
أما الجماعة فهي روح المجتمع وعملها الجماعي يساهم في استثمار الوقت والإنجاز السريع.
والمؤسسات والجمعيات الخيرية يقع على عاتقها المبادرة بتلك الحملات وجذب الأفراد والجماعات للتطوع، واختيار المكان المناسب، وترتيب الأدوار، وتوزيع المسؤوليات والمهام.
أما الجهات الحكومية نأمل منها عمل دورات مجانية تدريبية لنشر الثقافة والوعي وللتعريف بأهمية وأهداف التطوع في خدمة المجتمع والوطن وتشجيع الأفراد والجماعات وزرع الحس الوطني في الضمائر والوجدان.