الرسول الأكرم (ص)... المربي الناجح
قال تعالى: ”يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا «» وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا“ الأحزاب «45 - 46»
ولنا في رسول الله ﷺ أسوة حسنة في شتى مجالات الحياة... فسيرته العطرة مليئة بالمثل والقيم التي أبهرت العالم حتى قال ليف تولستوي «1828 1910»:
يكفي محمدًا فخرًا أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة.
وكلما قرأنا سيرته العطرة فإننا نستلهم منها تلك الدروس والعبر وتلك المناهج الفكرية والتربوية، وفي هذه المقالة أستعرض لكم بعض صفات المربي الناجح من خلال سيرته العطرة.
نعم لقد ربى النبي محمد ﷺ تلك الأمة الجاهلة بين الحضارات، علمهم بأرقى أساليب التربية التي أصبحت مدخلا لأساليب التربية الحديثة.
عرف النبي محمد ﷺ بالصدق والأمانة حتى لقب بهاتين الصفتين ولم يعهد منه معاصروه الكذب والخيانة ولم يستطيعوا نعته بالكذب حتى بعد أن بعث بالرسالة وسفه أحلام قريش وقاد الحروب ضدها، وعندما سأل هرقل «ملك الروم» أبا سفيان: هل أنتم كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟
أجاب أبو سفيان: لا.
فهو صادق في كل أمر وأمين في كل حال.
وهكذا هو المعلم المربي ينبغي أن يكون صادقًا وأمينًا في أداء مهمته، ليكون حديثه منبعثًا من أعماق قلبه، وأمينًا مؤديًا مهمته على أكمل وجه.
إن الناس في كل زمان ومكان بحاجة إلى كنف رَحيمٍ، وإلى رِعايةٍ فائقةٍ، وإلى بَشاشةٍ سَمحةٍ، وإلى وُدٍّ يَسَعُ مشاعرَهم وأحاسيسَهم، وقد كان ﷺ يمثل تلك الأخلاق فقد كان لينًا سمحًا، عطوفًا، رفيقًا بأهل بيته وبكل من كان حوله.. وقد كان يمثل ذلك ”القائد الذي ينطلق بروحية الرسالة وعفوية الإنسانية لاحتضان النَّاس الذين اتبعوه وعاشوا معه“ [1] .
ولهذا فقد كان ﷺ يؤكد على أهمية الرفق فقد روي عنه ﷺ: إذا أراد الله بأهل بيت خيرا أدخل عليهم باب رفق.
وروي عنه ﷺ: من أعطي حظه من الرفق أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة [2] .
هناك من يتصنع القوة أوالأخلاق ولكنه يعيش حالة الخواء والفراغ... فهو لا يمتلك أي قوة، بينما نجد هناك أفرادًا أودع الله في نفوسهم قوة كامنة ولذلك فلهم هيبة ولهم تأثير روحي على من يلتقي بهم...
روى ابن مسعود: أتى النبي ﷺ رجل يكلمه فأرعد، فقال: هون عليك فلست بملك [3] .
فعظَمَة وهيبة النبي محمد ﷺ هي عظمةُ إصلاح وعدالة، عظمة عطف ورحمة، عظمة روحية تجسدت في سلوكه وتعامله مع المسلمين.
وهكذا هو المربي عليه أن ينمِ في ذاته هذه الصفة دون أي تصنع ولتكن له شخصية قوية نابعة من إيمانه وأخلاقه وعلمه ومعرفته.
في التربية والإصلاح فإن الحب هو حديث الروح، وهو رسالة القلب إلى القلب، الحب هو عنصر التفاعل بين الطرفين، وعندما تكون هناك بسمة صادقة، وكلمة طيبة، ورحمة وحنان عندها يكون النجاح في عملية التربية.
إن المربي الناجح هو الذي يظهر حبه لمن حوله وعندما يجد التفاعل من الطرف الآخر فإنه يقتنص الفرصة ليغرس في نفسه تلك المثل والقيم النبيلة.
التربية بالحب وإشباع العواطف وملامسة المشاعر هي هدي نبوي فقد ورد عنه ﷺ: الحب في الله فريضة والبغض في الله فريضة. وعنه ﷺ: ما تحاب اثنان في الله تعالى إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه [4] .
وكما يقول السيد هادي المدرسي: ”إذا أعطيت لأولادك من الحب أكثر مما يتوقعون فإنهم سيعطونك من الطاعة أكثر مما تنتظر منهم“ [5] .
أخيرًا فإن سيرته ﷺ مليئة بالأساليب التربوية التي ينبغي أن يستلهم منها كل مربي ومصلح ما يساعده في عملية التربية.