وقود الاصلاح الحسيني «37»
الشهيد عبدالرحمن بن عبدرب الأنصاري
قال الله تعالى عن الأصحاب: ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ «67» الزخرف.
وسئل الإمام علي بن موسى الرضا عن قول النبي ﷺ ﴿أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم﴾ فقال : هذا صحيح يريد من لم يغير بعده ولم يبدل. عيون أخبار الرضا - الشيخ الصدوق - ج01 - الصفحة93.
وعن الصداقة - قال الشاعر حسان بن ثابت:
أَخِلاَّءُ الرِّجَالِ هُمْ كَثِيرٌ وَلَكِنْ فِي البَلاَءِ هُمْ قَلِيلُ
فَلاَ تَغْرُرْكَ خُلَّةُ مَنْ تُؤَاخِي فَمَا لَكَ عِنْدَ نَائِبَةٍ خَلِيلُ
وَكُلُّ أَخٍ يَقُولُ أَنَا وَفِيٌّ وَلَكِنْ لَيْسَ يَفْعَلُ مَا يَقُولُ
سِوَى خِلٍّ لَهُ حَسَبٌ وَدِينٌ فَذَاكَ لِمَا يَقُولُ هُوَ الفَعُولُ
لا يخفى أن شهدائنا هؤلاء كانوا نماذج بشرية، أصبحت شوكة في عيون الجائرين والمعتدين على حقوق المساكين، نماذج أوجدت نهجاً تحررّياً مشبعاً بروح التقوى والإخلاص، ظل على مدى التاريخ سبباً في سلب النوم من عيون الجبابرة والمتكبرين، يقض مضاجعهم على الدوام، وهذه النماذج قد أظهرت هوية إنسانية جديدة، قدمها الحسين درساً في الحريّة والمروءة حتّى لغير المسلمين.
وبين أيدينا الجوهرة السابعة والثلاثين من هذه السلسلة المباركة، جوهرة التحقت بركب شهداء الإصلاح الحسيني، وكانت ضمن الذين استشهدوا في الحملة الاولى في يوم عاشوراء، ومن جملة الأصحاب الغَيارى الذين دافعوا عن الحقّ، وُلبّوا نداءَ إمامهم سيّد شباب أهل الجنة سلام الله عليه وهو:
الاسم: عبد الرحمن بن عبد رب الأنصاري
المدفن: ضريح شهداء كربلاء
الوفاة: عاشوراء عام 61 هـ.
سبب الشهرة: صحابي ومن رواة حديث الغدير، ومن شهداء كربلاء
الأعمال البارزة: شجاعته ومبارزته في عاشوراء «01»
هو عبد الرحمن بن عبدربّ الأنصاري الخزرجي. «01» وجاء انه كهلاني قحطاني، أصله من أنصار المدينة سكن الكوفة، وكان من الصحابة، وممن بايع عليا في يوم الغدير. «02» وكان عابداً ناسكاً من الأوفياء. «03» عده الشيخ الطوسي فيمن روى عن أمير المؤمنين . «04»
كان عبدالرحمن صحابي أدرك النبي ﷺ، وشهد واقعة الغدير، ومن رواة حديثه، ومن مخلصي أصحاب الإمام علي ، وقد ورد في الأخبار أن الإمام علي بن أبي طالب هو الذي علّمه القرآن وربّاه. «01»
ورد أن الإمام علي ناشد الناس في يوم الرحبة: من سمع النبي ﷺ قال يوم غدير خمّ ما قال إلاّ قام، ولا يقوم إلاّ من سمع رسول الله ﷺ يقول، فقام بضعة عشر رجلاً فيهم أبو أيّوب الأنصاري، وأبو عمرة ابن عمرو بن محصن، وأبو زينب، وسهل بن حنيف، وخزيمة بن ثابت، وعبد الله بن ثابت، وحبشي بن جنادة السلولي، وعبيد بن عازب، والنعمان بن عجلان الأنصاري، وثابت بن وديعة الأنصاري، وأبو فضالة الأنصاري، وعبدالرحمن بن عبدربّ الأنصاري، فقالوا: نشهد أننّا سمعنا رسول الله ﷺ يقول: ”ألا إنّ الله عزّ وجلّ وليّي وأنا وليّ المؤمنين، ألا فمن كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وأحبّ من أحبّه وأبغض من أبغضه وأعن من أعانه“. «01»
وورد أن برير بن خضير في يوم التاسع من المحرم كان يهازل عبدالرحمن ويضاحكه، فقال عبدالرحمن: دعنا، فو الله ما هذه بساعة باطل! فقال برير: والله لقد علم قومي أنّي ما أحببت الباطل شابّا ولا كهلا، ولكنّي والله لمستبشر بما نحن لاقون، والله إنّ بيننا وبين الحور العين إلاّ أن نحمل على هؤلاء فيميلون علينا بأسيافهم، ولوددت أن مالوا بها الساعة. «01»
جاء عبدالرحمن مع الإمام الحسين فيمن جاء معه من مكّة. «01»
روي أنه استشهد في الحملة الأولى يوم عاشوراء. «01» وجاء أنه لما كان اليوم العاشر من محرم تقدم نحو الإمام الحسين وأستأذن منه للقتال فأذن له، فقاتل حتى قُتل رحمه الله تعالى. «03»
وهنا تنتهي حلقتنا هذه باستشهاد ”عبدالرحمن بن عبدرب الأنصاري“، مناصر لأبي الضيم وابو الأحرار ومدافع عنه، بل مناصر للحق الالهي، فار من نار سعرها جبارها لغضبه، إلى جنة عرضها السماوات والارض، أعدها ربها لرحمته.