آخر تحديث: 12 / 12 / 2024م - 11:54 ص

عمي يا بياع الورد

سلمى بوخمسين صحيفة الرأي السعودي

في زمن بعيد جدًا، عندما كنت أخطو خطواتي الأولى في عالم الرعاية الصحية والمستشفيات، كنت أختم كل نهار طويل بالجلوس على المقاعد الخارجية أتأمل العابرين، وفي كل يوم ألاحظ بعض الزملاء والزميلات يغادرون المشفى بابتسامات مشرقة، وهم يضمون إلى صدورهم أجمل باقات الورد أو علب الشكولاتة الفاخرة.

بينما في كل يوم أغادر خالية اليدين وقلبي مسكون بالغبطة، من يهديهم هذه الهدايا وهل سيأتي دوري يا ترى؟ بعد مرور بعض الوقت وتجاوزي مرحلة السذاجة البريئة أدركت أن الصورة التي أراها مقلوبة كليًا، فقد كانوا يحملون تلك الهدايا الجميلة لأحبائهم لا العكس.

تبدل ذلك الشعور بالغبطة إلى شعور بالخجل، فدائرة الحب والعطاء التي افتقدت متوقفة بكل بساطة لأني أنا لم أبدأها.

القاعدة الكونية واضحة ومباشرة «ما ترسله يعود إليك» لكننا ننسى ذلك كثيرًا، ننتظر الاهتمام والوصل دون أن نمد أيدينا، نطالب بالتقبل والاحترام دون أن نتقبل ونحترِم، نبحث عمن يصغي لقلوبنا بينما أصابعنا في آذاننا غير عابئين بأحد، وفي كل الأحوال نلعب دور الضحية ونتغاضى عن إهمالنا في تفعيل الدائرة، فدائمًا دائمًا دائمًا لدينا عذر يخلي مسؤوليتنا عن المبادرة.

الآن يحدث كثيرًا أن أخرج ويديّ محملتين بالورد والشكولاتة وأنواع اللذائذ، بعد أن فهمت الدرس جيدًا وعرفت - على وجه اليقين - أنك حين تكون كريمًا مع الحياة تكون الحياة كريمةً معك.