وقود الاصلاح الحسيني «34»
الشهيد قاسط بن زهير التغلبي
قال تعالى في سورة آل عمران: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ﴾ 207.
وجاء في سورة الحشر: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر، وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ 23.
وقال الإمام الحسين : ﴿من كان باذلاً فينا مهجته، موطناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا﴾. «01»
مازلنا مع أصحاب الامام الحسين الذين اختفت أكثر تفاصيل سيرهم عن منابرنا الحسينية، والذين استشهدوا مضحين بأنفسهم في سبيل معتقدهم، مقدمين أرواحهم فداء لإمامهم، رغم أن إمامهم مطلوب وحده، ولو ظفر به ما أبه بغيره. ونحن هنا نحاول تجميع سيرهم المتناثرة بين صفحات التاريخ، هنا وهناك، ولو إنها زهيدة لا تشفي عطش الباحث ولا نهم المحقق، وقد تكون كتبت بأيدي معادية لفكر الإمام الحسين .
لا يخفى أن شهدائنا هؤلاء كانوا نماذج بشرية، أصبحت شوكة في عيون الجائرين والمعتدين على حقوق المساكين، نماذج أوجدت نهجاً تحررّياً مشبعاً بروح التقوى والإخلاص، ظل على مدى التاريخ سبباً في سلب النوم من عيون الجبابرة والمتكبرين، يقض مضاجعهم على الدوام، وهذه النماذج قد أظهرت هوية إنسانية جديدة، قدمها الحسين درساً في الحريّة والمروءة حتّى لغير المسلمين. «01»
وبين أيدينا الجوهرة الرابعة والثلاثين من هذه السلسلة المباركة، التي التحقت بركب شهداء الإصلاح الحسيني، وكانت ضمن الذين استشهدوا في الحملة الاولى في يوم عاشوراء، ومن جملة الأصحاب الغَيارى الذين دافعوا عن الحقّ، وُلبّوا نداءَ إمامهم سيّد شباب أهل الجنة سلام الله عليه وهو:
الاسم: قاسط بن زهير التغلبي
الشباك: ضريح شهداء كربلاء
الوفاة: يوم عاشوراء عام 61 هـ
المدفن: كربلاء - حرم الإمام الحسين
سبب الشهرة: من شهداء الحملة الأولى في واقعة عاشوراء «01»
قاسط بن زهير التغلبي، ونقل الشيخ الطوسي في رجاله إن اسمه ”قاسط بن عبدالله التغلبي“، ويرجع نسبه إلى قبيلة تغلب. كان من شهداء الطف، كما كان من أصحاب الإمام علي ، والمشاركين معه في معارك الجمل وصفين والنهروان، ومن أصحاب الإمام الحسن . «01» وكان شيخ من قبيلة بني تغلب ابن وائل. «03» وتغلب بن وائل من القبائل العدنانية «عرب الشمال». «05»
وقال نصر بن مزاحم المنقري الكوفي في كتاب صفّين إنّ عليّاً لمّا عقد الالوية للقبائل فأعطاها قوماً بأعيانهم، فجعل على قريش وأسد وكنانة عبداللّه بن عبّاس بن عبدالمطلّب، وعلى كندة حُجر بن عديّ الكندي، وعلى بكر البصرة حصين بن المنذر، وعلي تميم البصرة الاحنف بن قيس وقاسط بن عبداللّه بن زهير بن الحرث التغلبي، وعلي حنظلة البصرة أَعيَن بن ضبيع وكردوس بن عبداللّه بن زهير التغلبي. «02»
قال المحقّق السماوي «ره»: كان هؤلاء الثلاثة «قاسط ومقسط وكردوس ابناء زهير بن الحرث التغلبي» من أصحاب أمير المؤمنين ومن المجاهدين بين يديه في حروبه، صحبوه أوّلاً، ثمّ صحبوا الحسن ، ثمّ بقوا في الكوفة، ولهم ذكر في الحروب، ولاسيّما صفين، ولمّا ورد الحسين كربلاء خرجوا إليه، فجاؤه ليلاً، وقتلوا بين يديه». «02»
لما ورد الإمام الحسين كربلاء التحق به هو وأخواه كردوس ومقسط، واستشهدوا بين يديه في يوم عاشوراء، وقُتل قاسط في الحملة الأولى، على يد جيش عمر بن سعد. «01» وقيل إنه عندما علم هو وأخويه بقدوم الحسين خرجوا إليه في ليلة العاشر من محرم، وقتلوا في المعركة صباحًا في الحملة الأولى. «04»
وقد ورد ذِكرهُ في زيارة الشهداء بقول: ”السلام على قاسط وكردوس ابني زهير التغلبي ورحمة الله وبركاته“. «01» كما ورد السلام في زيارة الناحية المقدّسة على قاسط وأخيه كردوس فقط ولم يُذكر مقسط فيها: «السلام علي قاسط وكردوس إبني زهير التغلبيين». «02»
وهنا تنتهي حلقتنا الرابعة والثلاثون باستشهاد كل من ”قاسط ومقسط وكردوس ابناء زهير التغلبي“ مناصرين لأبي الضيم وابو الأحرار ومدافعين عنه، بل مناصرين للحق الالهي، فراراً من نار سعرها جبارها لغضبه، إلى جنة عرضها السماوات والارض، أعدها ربها لرحمته.