وقود الاصلاح الحسيني «33»
الشهيد سعد بن الحارث الخزاعي
قال تعالى في سورة آل عمران: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ﴾ 207. وجاء في سورة الحشر: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر، وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ 23. وقال الإمام الحسين : «من كان باذلاً فينا مهجته، موطناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا». [1]
مازلنا مع أصحاب الامام الحسين الذين اختفت أكثر تفاصيل سيرهم عن منابرنا الحسينية، والذين استشهدوا مضحون بأنفسهم في سبيل معتقدهم، مقدمون أرواحهم فداء لإمامهم، رغم أن إمامهم مطلوب وحده، ولو ظفر به ما أبه بغيره. ونحن هنا نحاول تجميع سيرهم المتناثرة هنا وهناك، بين صفحات التاريخ، ولو إنها زهيدة لا تشفي عطش الباحث ولا نهم المحقق، وقد تكون كتبت بأيدي معادية لفكر الإمام الحسين . ولا يخفى أن شهدائنا هؤلاء كانوا نماذج بشرية، أصبحت شوكة في عيون الجائرين والمعتدين على حقوق المساكين، نماذج أوجدت نهجاً تحررّياً مشبعاً بروح التقوى والإخلاص، ظل على مدى التاريخ سبباً في سلب النوم من عيون الجبابرة والمتكبرين، يقض مضاجعهم على الدوام، وهذه النماذج قد أظهرت هوية إنسانية جديدة، قدمها الحسين درساً في الحريّة والمروءة حتّى لغير المسلمين. [1]
وبين أيدينا الجوهرة الثالثة والثلاثين من هذه السلسلة المباركة، وقد التحق بركب شهداء الإصلاح الحسيني، وكان ضمن الذين استشهدوا في الحملة الاولى في يوم عاشوراء، وهو من جملة الأصحاب الغَيارى الذين دافعوا عن الحقّ، وُلبّوا نداءَ إمامهم سيّد شباب أهل الجنةن سلام الله عليه وهو:
الاسم: سعد بن الحارث الخزاعي
الشباك: ضريح شهداء كربلاء
الوفاة: عاشوراء عام 61 هـ .
المدفن: كربلاء
سبب الشهرة: استشهاده في كربلاء
الأعمال البارزة: معتمد الإمام علي ومن شرطة الخميس. [1]
قال الزنجاني نقلاً عن العسقلاني في الاصابة: أنه سعد بن الحرث بن سارية بن مرة بن كنجب الخزاعي، وكان مولى الإمام علي بن أبي طالب . [1]
هناك روايات تحكي أن سعداً كان من صحابة النبي ﷺ، ويحتمل البعض أن هذا الخبر ليس صحيحاً؛ لعدم ورود ذكره في بعض كتب التاريخ، وهذا مجرد احتمال، لان هناك الكثير من الصحابة لم يذكروا في هذه الكتب. [2] كما أن التستري يشكك ما إذا كان هو من خزاعة، وفي نفس الوقت طليق الإمام أمير المؤمنين . [1]
كان والياً له على أذربيجان، ومن شرطة الخميس في الكوفة، ولم يحدد متى فوّض إليه هذه المهمات، ولكن نظراً إلى ما ورد في الأخبار، أن سعداً كان كقنبر من خواص ومعتمدي الإمام علي الذين يفوّض الإمام إليهم شؤون الحكومة. وقد ورد أنّ الإمام علي بعثه مفتشاً إلى الولاية، التي كان زياد بن أبيه فيها حاكماً، وحدث بينه وبين زياد مشادة كلامية. ومن أعماله الأخرى أن الإمام عيّنه مراقباً على يزيد بن حجية، حينما سجن يزيد بسبب خيانته عندما كان عامل الإمام في الري. [1]
بعد استشهاد الإمام أمير المؤمنين سنة 40 هـ . انضم سعد بن الحارث إلى الحسن ، ثمّ إلى الحسين . [1]
خرج مع الإمام الحسين من المدينة إلى مكّة ثمّ إلى كربلاء، واستشهد بين يديه يوم عاشوراء. أورد السماوي أن ابن شهر آشوب في المناقب ذكره في زمرة شهداء الحملة الأولى يوم عاشوراء. [1]
وهنا تنتهي حلقتنا الثالثة والثلاثون باستشهاد ”سعد بن الحارث الخزاعي“ مناصراً لأبي الضيم وابو الأحرار ومدافعاً عنه، بل مناصراً للحق الالهي، فارُ من نار سعرها جبارها لغضبه، إلى جنة عرضها السماوات والارض، أعدها ربها لرحمته.