رزنامة العام الجديد
بعد غد الإثنين نطوي صفحات الرزنامة الميلادية كما طوينا قبلها الرزنامة الهجرية، ولا نعلم ما الذي نطويه، هل هي الأيام أم الذاكرة أو مراحل التغير.
عام ثقيل، ليس ببعيد عما سبقه فكلاهما متشابهان في رائحة الدم وعفونة السياسة والتحولات المضغوطة برائحة الجثث المتناثرة تحت مدعاة التغير العربي. ومن يضعون أرجلهم في المياه الباردة يغردون عن حاجة الثورات لمزيد من الجثث والتضحيات. ربما أتفق مع تضحيات ثورة يصاحبها تغيير، ولكن ما يحدث لا أستطيع تسميته «ثورة» ولا «فوضى خلاقة»، بل جحيم لا يشبه جحيم المتصوفة في أعماقه.
يمضي العام تلو العام، ونحن نجر خلفنا خيبات تلو خيبات، أفق يضيق، وهموم تتسع وجيل يجدد نفسه بعيداً عن الأوصياء وحاملي «الفانوس»، جيل ضاق ذرعاً بمن أفسدوا عليهم الرؤية الإيجابية للحياة، وألقوا بكثير منهم على قارعة الأرصفة بحجة «الجهاد» المزعوم.
شباب يتساقط هنا وأشلاء تناثرت. عام الدم ينحسر عن أنياب تتكشر، وخربشات مغردة على طريق تقنية «مقيدة»، والرقيب هناك يرصد آخر تغريدة وكاتبها. وحينما تبحث عن الأحلام تجدها مسطحة بين صالة للعروض البصرية، وسيدة تقود دابتها دون أن يوقفها عابر «سبيل»، ويحتسب لله في أمرها.
كيف استطاع هؤلاء حرف مسار الأحلام، وجعلها مجرد فقاعة متساقطة على رذاذ موج عابر، يمكن لأي بحرٍ «متوسط»، أن يجرفها، ويقيدها في انتظار الموجة العالية.
شكراً لهذا العام على خروجه بهذه الزوبعة، ويجعلنا نحلم بأن يجرف معه كانسي الأحلام وصانعي الزبد.