وقود الاصلاح الحسيني «23»
الشهيد جبلة بن علي الشيباني
قال تعالى في سورة آل عمران: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ» 207.
وقال في سورة الحشر: «فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر، وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً» 23.
وقال الإمام الحسين : «من كان باذلاً فينا مهجته، موطناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا». «01»
لانزال مع اصحاب الامام الحسين الذين اختفت تفاصيل سير أكثرهم عن المنبر الحسيني، والذين استشهدوا في الحملة الاولى، وضحوا بأنفسهم في سبيل معتقدهم، وقدموا ارواحهم فداء لإمامهم، رغم علمهم أن القوم يطلبونه هو وحده، ولو إنهم ظفروا به ما أبهوا بغيره.
ونحن هنا نحاول تجميع سيرهم المتناثر هنا وهناك، وتاريخهم المخفي بين صفحات التاريخ، محاولين استخراج سيرهم، ولو إن هذه السير زهيدة لا تشفي شغف الباحث عن الحق، وقد كتبت بأيدي معادية لفكر الإمام الحسين .
ولا يخفى أن نماذجهم البشرية الحيّة والكبرى والشجاعة، أصبحت شوكة في عيون الجائرين المعتدين على حقوق المساكين، أوجدت نهجاً تحررّياً مشبعاً بروح التقوى والإخلاص، ظل على مدى التاريخ سبباً في سلب النوم من عيون الجبابرة والمتكبرين، يقض مضاجعهم على الدوام، وأظهرت هذه النماذج هوية إنسانية جديدة، قدمها الحسين درساً في الحريّة والمروءة حتّى لغير المسلمين. «04»
وبين أيدينا في هذه الحلقة الجوهرة الثالثة والعشرين من هذه السلسلة المباركة، جوهرة التحقت بركب شهداء الإصلاح الحسيني، واستشهدت ضمن الذين استشهدوا في الحملة الاولى في يوم عاشوراء، وهي من جملة الأصحاب الغَيارى الذين دافعوا عن الحقّ، وُلبّوا نداءَ إمامهم سيّد شباب أهل الجنة أبي عبدالله الحسين سلام الله عليه: «04»
الاسم: جبلة بن علي الشيباني
الشباك: ضريح شهداء كربلاء
تاريخ الوفاة: عاشوراء عام 61 هـ .
سبب الشهرة: حضوره في صفين وإسناده لمسلم بن عقيل
أعماله البارزة: استشهاده في كربلاء «01»
جبلة بن علي الشيباني، «وشيبان قبيلة معروفة تنتمي إلى بكر بن وائل». وكان جبلة شجاعاً من أهل الكوفة. وورد اشتراكه في ثورة مسلم بن عقيل، ولقد شهد مع الإمام علي معركة صفين. «01».
وقال السماوي: جبلة بن علي بن سويد بن عمرو بن عرفطة بن الناقد بن تيم بن سعد بن كعب بن عمرو بن ربيعة الشيباني. ولقد أجاد الشاعر المفلق الأُزري حين قال:
ولله حيّ ما هنالك أرقلوا إلى الموت إرقال الحماس المورد
فأعظم بهم حيّاً تعاظم شأنهم وجلّ وجلّى في مدى كلّ سؤدد
فوارس صدق كلّما جاشت الوغى بمرجلها جاشوا لظاها بمحمد
من منجدي الدين الحنيف ومحرزي مدى قصب السبق في عهد أحمد «03»
لما خذل مسلم بن عقيل وقتل، فر جبلة واختفى عند قومه، فلما جاء الحسين إلى كربلاء جاء إليه، وقاتل بين يديه، حتى استشهد في الحلمة الأولى. «01»
ورد اسمه في زيارة الشهداء، ووقع في التسليم عليه: «الَّسلامُ عَلى جِبلّة الْشَيْباني». «01»
وهنا تنتهي حلقتنا الثالثة والعشرون باستشهاد ”جِبلّة بن علي الْشَيْباني“ مناصراً لأبي الضيم وابو الأحرار ومدافعاً عنه، بل مناصراً للحق الالهي، منقذاً نفسه من نار سعرها جبارها لغضبه، متوجه إلى جنة عرضها السماوات والارض، أعدها ربها لرحمته.