رؤى فنية في شعر الشاعر ناجي داود الحرز
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وسلام على عباده الذين اصطفى.
في هذا البحث الموسوم: ”رؤى فنية في شعر الشاعر ناجي داود الحرز“، سوف أتكلم عن شاعر عظيم من شعرائنا الأحسائيين الكبار الذي أبهرنا بكتاباته الشعرية، فمهما كتبنا عنه لا نعطيه حقه وهو الذي نذر حياته من أجل صقل المواهب الشعرية الفتية في الأحساء الحبيبة وتشجيع الشباب على كتابة الشعر وخوض غمار المسابقات الشعرية المحلية والدولية. وفي هذه المقدمة، أود أن أشير ولو بشكل بسيط إلى ما يحتويه هذا البحث من فصول وما هي الموضوعات التي تتضمنها هذه الفصول. البحث يتكون من تمهيد وفصلين وخاتمة:
التمهيد: خُصص لدراسة السيرة الذاتية للأستاذ ناجي داود الحرز.
أما الفصل الأول فهو: على ضفاف منتدى الينابيع الهجرية.
والفصل الثاني هو: رؤى فنية في شعر الشاعر ناجي داود الحرز.
ناجي بن داود بن علي بن حسين الحرز، شاعر وكاتب وإعلامي أحسائي. وهو مؤسس ورئيس منتدى الينابيع الهَجرية الأدبي. انتسب إلى عضوية كثير من الجمعيات والأندية الأدبية، منها:
1 - الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون.
2 - نادي المنطقة الشرقية الأدبي.
3 - نادي الأحساء الأدبي.
أعدّ وقدّم الأستاذ الحرز عددًا من البرامج الأدبية عبر التلفزيون. نشر كثيرًا من قصائده في الصحف والمجلات المتخصصة. تُرجمت مختارات من شعره إلى اللغة الأوردية والإنجليزية. مثال على ذلك، ترجمة ديوان ”يا حبيبي ياحسين“ إلى اللغة الإنجليزية وهو ديوان موجه للأطفال، قام بالترجمة الأستاذ ممدوح علي القديحي.
وتٌرجم للشاعر الحرز في العديد من المعاجم والدراسات، منها:
1 - معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين.
2 - معجم شعراء العرب، لعبدالله الجبوري.
3 - شعراء الجزيرة العربية والخليج، لعبدالكريم الحقيل.
4 - شعراء مبدعون من الجزيرة والخليج، لسعود الفرج.
5 - صوت من الخليج، لمعالي الدكتور غازي القصيبي.
6 - معجم أعلام الخليج في العلم والأدب، لجواد الرمضان.
7 - هَجَر.. واحة النخيل والشعر، لعبدالله الشباط.
للأديب والشاعر ناجي الحرز نتاج أدبي وشعري متميز كمًا ونوعًا، ومن نتاجه المطبوع ما يلي:
1 - يا حبيبي يا محمد، أناشيد للبراعم 1412 هـ .
2 - نشيد ونشيج، ديوان شعر 1414 هـ .
3 - يا حبيبي يا حسين، لطميات للأطفال، شعر فصيح وشعبي 1415 هـ
4 - الوسيلة، ديوان شعر1417 هـ .
5 - تحفة المحبين في رثاء السيدة خديجة وأم البنين.
6 - خفقان العطر، ديوان شعر1420 هـ .
7 - قصائد ضاحكة، ديوان شعر1422 هـ .
8 - العنقود، قصائد إخوانية 1426 هـ .
9 - صلوات في محراب العشق، ديوان شعر 1429 هـ .
10 - الإمام علي في وجدان الشاعر بولس سلامة، دراسة أدبية نقدية لملحمة عيد الغدير
للشاعر بولس سلامة 1429 هـ .
11 - شعراء قادمون من واحة الأحساء، عرض ودراسة لأجمل عشر تجارب شعرية
واعدة 1429 هـ .
12 - الملا علي بن فايز سفير الشجى الأحسائي الخالد 1432 هـ .
13 - لعليٍّ أغنّي، أناشيد ولائية 1434 هـ .
14 - معجم شعراء منتدى الينابيع الهَجرية 1434 هـ .
15 - دفتر الشجى، مختارات من مراثي 100 شاعر أحسائي للإمام الحسين
1438 هـ .
لا يخفى أن كثيرًا من الشعر فيه حكمة وبلاغة وفن وفصاحة، فضلًا عن أنّه معجم حافل بالأحداث والوقائع التاريخية، وحافل بكثير من الجوانب الثقافية والاجتماعية. وقد شجّع أهل البيت على كتابة الشعر وإنشاده وبالذات شعر المدح والرثاء في الإمام الحسين .
وقد سجّل شعراء الإسلام منذ عهد الرعيل الأول وإلى يومنا هذا أسمى آيات الولاء والحبّ التي تكنّها قلوبهم وضمائرهم وتعتلج في صدورهم تجاه النبي محمد ﷺ وعترته الأطهار ، مؤكدين أصالة هذا المبدأ العقائدي وإلهيته ومبينين أهم آثاره ومعطياته. وربما كان شيخ البطحاء أبو طالب من أوائل الشعراء الذين قالوا الشعر في مدح النبي ﷺ والتأييد لدعوته الإلهية إلى الدين الإسلامي الحنيف. وقد استمع الرسول الأعظم محمد ﷺ إلى شعر حسان بن ثابت وشعر كعب بن زهير وغيرهما.
وقد حث الإمام الصادق على الشعر وشجع الشعراء على إنشاد الشعر في الإمام الحسين لما له من ثواب عظيم، على سبيل المثال أبو عمارة المنشد وجعفر بن عفان الطائي وأبي هارون المكفوف، وكذلك فعل الإمام الرضا مع دعبل بن علي الخزاعي.
«منتدى الينابيع الهجرية» الشعري أسسه الأستاذ الشاعر ناجي بن داود الحرز قبل أكثر من 30 عامًا، ومازال تحت رئاسته ورعايته الأبوية. كان الهدف الرئيس من تأسيس منتدى الينابيع الهجرية هو رعاية وتشجيع الشعراء اليافعين. وقد نذر حياته من أجل صقل المواهب الشعرية الفتية في الأحساء الحبيبة وتشجيع الشباب على كتابة الشعر وخوض غمار المسابقات الشعرية المحلية والدولية. للشاعر والأديب عبد الوهاب أبو زيد كلمة وجدانية يصف فيها ناجي الحرز الراعي للشعراء الشباب، حيث يقول: ”لا يمكن لمثلي حين يكتب عن ناجي بن داود الحرز بوصفه شاعرًا أن يكون موضوعيًا لأن علاقة الصداقة الحميمة التي تربطنا معًا تعود إلى أكثر من ثلاثين عامًا مضت، كان خلالها بمثابة الأخ الأكبر والمشجع والمحفز والآخذ بيدي لأكون حيثما يتوقع لي ويتوسم فيّ وحيثما يحب، ولا أنسى أبدًا أنه من أوائل من كتبوا عن تجربتي الشعرية في أوائل مراحل تشكلها، غارسًا في دخيلة نفسي بذور الثقة وواضعًا قدمي على أولى عتبات القصيدة“.
وقال أبو زيد أيضا في تجربة ناجي فيما يخص منتدى الينابيع الهجرية: ”وغني عن القول إن ناجي كان ولا يزال شاعرًا بارزًا وشخصية ثقافية تركت أثرًا واضحًا في الحركة الثقافية والشعرية على نحو خاص في منطقة الأحساء خصوصا بالنسبة لأولئك الذين سنحت لهم الفرصة للالتقاء به والالتفاف حوله في الأمسيات والمجالس الشعرية والأدبية الخاصة التي تحولت فيما بعد لما يُعرف بمنتدى الينابيع الهجرية، الذي يُعد من أقدم المنتديات الأدبية في الأحساء وأعمقها أثرًا وأبعدها تأثيرًا، وإن كان لم يحظ بالمتابعة الإعلامية الكافية كغيره من المنتديات التي ربما توفرت لها من الإمكانات ما لم يتوفر له“.
سمعت وقرأت كثيرًا عن منتدى الينابيع الهجرية وعن نشاطه وقصة نجاحه وشهرته في الأوساط الأدبية. وقد التحقت بعضوية منتدى الينابع الهجرية قبل عشر سنوات تقريبًا بدعوة كريمة من الأستاذ ناجي الحرز عندما كنا نلتقي في صبيحة كل يوم جمعة في جمعية شيخ المؤرخين المؤرخ الكبير الحاج جواد بن حسين الرمضان رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته مع محمد وآله الأخيار. فقبلت الدعوة وصرت أحضر في اللقاء الأسبوعي للمنتدى كلما سنحت الفرصة إلى ذلك إذا كنت متواجدًا في الأحساء، حسب ظروف عملي حيث كنت أعمل في الرياض.
تنوعت أنشطة منتدى الينابع، على سبيل المثال لا الحصر: تنظيم المهرجانات الشعرية والمشاركة فيها، وتكريم الشعراءالبارزين، وتنظيم الندوات والحوارات الأدبية، وتنظيم حفلات توقيع كتاب، وإعداد معاجم الشعراء الأحسائيين والمشاركة في المعاجم الأخرى، وتشجيع الشباب على كتابة الشعر ورعايتهم وصقل مواهبهم.
ولكن من أبرز أنشطة المنتدى هو رعاية الشعراء الشباب وصقل مواهبهم وتشجيعهم على كتابة الشعر وإنشاده في المحافل المتنوعة داخل الأحساء وخارجها، وتشجيعهم على نشر نتاجهم الشعري.
وقد حظيت بتشجيع كبير من قبل الأستاذ ناجي في كتابة الشعر وإنشاده. وقد طلب مني ذات مرة في المشاركة بقصيدة في احتفال مولد الإمام الرضا في بلدة القارة إحدى قرى الأحساء. ولم يكن لدي حينها قصيدة جاهزة فاعتذرت منه لضيق الوقت، ولكن الأستاذ ناجي أصر على مشاركتي، وفعلا كتبت قصيدة وأعطيته إياها ليراجعها فأثنى عليها وقدمتها في الحفل بتاريخ 11 ذو القعدة 1438 هـ .
كما طلب مني الأستاذ ناجي بصفته رئيس منتدى الينابيع الهجرية المشاركة في حفل تأبين شيخ المؤرخين الحاج جواد بن حسين الرمضان رحمه الله في ليلة أربعينه في مجلس القطان بالهفوف بتاريخ 28 ذو الحجة 1439 هـ ، كعريف للحفل بمعية الشاعر الأستاذ جاسم عساكر. حيث كان منتدى الينابيع الهجرية الراعي والمنظم لمهرجان تأبين شيخ المؤرخين جواد الرمضان رحمه الله.
وتعزيزا لهذا الاهتمام بالشباب خصص رئيس المنتدى الأستاذ ناجي الحرز يومًا في الأسبوع يلتقي فيه أعضاء منتدى الينابيع. حيث يرسل رسالة إلى جميع الأعضاء، وهي: ”يتجدد لقاؤنا بكم عصر اليوم في البستان تمام الساعة الرابعة عصرًا. على الرحب والسعة“، بهذه الرسالة يبدأ الأستاذ ناجي صباحه «يوم الجمعة أو يوم السبت» مذكِّرًا أعضاء منتدى الينابيع الهجرية بموعد اللقاء الأسبوعي في مزرعته العامرة بشموخ النخلة.
وفي اللقاء، معظم من يحضر اللقاء ينشدون شيئا من شعرهم الجديد أو القديم، من الشعر الفصيح والشعر الشعبي. وبشكل فوري، يتلقى الشاعر رأي الشعراء الآخرين والنقاد فيما أنشد. وهذا اللقاء يعتبر فرصة كبير للشاعر ليستمع إلى آراء الآخرين، كي يستفيد من خبراتهم في تصويب بعض الهفوات والهنات الفنية في شعره.
في الحقيقة لقد دهشت وبهرت بالكفاءات والقامات الشعرية الذين كانوا يحضرون هذا اللقاء وبالحوارات والنقاشات التي تدور بينهم بعد استماع القصائد. وبالنسبة لي شخصيًا لقد استفدت كثيرًا من هذا اللقاء الأسبوعي في مراجعة بعض النصوص.
وأحيانا في يوم اللقاء، يقوم المنتدى بتنظيم ندوات أدبية بشقيها الشعرية والنثرية. كما ينظم المنتدى أحيانا ”حفل توقيع كتاب“ لنتاج الشعراء والأدباء. وقد وفقت لحضور كثير منها.
وقد انطلق الأستاذ الحرز في تأسيس منتدى الينابيع الهجرية من حرصه على النهوض بالشعر الأحسائي وإبراز الشعراء الأحسائيين محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا. وقد أولى الحرز إهتمامًا كبيرًا بكتابة وإنشاد الشعر الولائي في أهل البيت وبالذات الإمام الحسين ، وشجع الشعراء الآخرين على ذلك، وتتويجًا لهذا الاهتمام ألف معجمًا شعريًّا يضم قصائد للشعراء الأحسائيين، وهو «دفتر الشجى» الذي يضم مختارات من مراثي 100 شاعر أحسائي للإمام الحسين . وقد شاركت في هذا الإصدار المميز بقصيدة واحدة عنوانها «جهاد الحسين».
أهدي هذه الأبيات إلى الشاعر الكبير الأستاذ ناجي بن داود الحرز حفظه الله ورعاه.
هَذَا أَبُو عَبْدِ المَجِيدِ تَكَفَّلَا
بِرِعَايَةِ الجِيلِ الَّذِي قَدْ أَقْبَلَا
وَلِصَقْلِ مَوْهِبَةِ البَيَانِ لَدَيْهِمُ
قَدْ أَسَّسَ البَيْتَ الَّتِي قَالَتْ هَلَا
تِلْكَ اليَنَابِيعُ الَّتِي مَدَّتْ يَدًا
فَرَعَتْ مَوَاهِبَهُمْ إلَى مَا أَمَّلَا
كَلِمَاتُهُ فِي الدَّعْمِ ظَاهِرَةٌ لَهُمْ
أَنْعِمْ بِهِ مِنْ شَاعِرٍ قَدْ أَكْمَلَا
أَحْسَاؤُنَا فِي فِكْرِهِ وَلَّادَةٌ
لِلشِّعْرِ وَالشُّعَرَا فَلَنْ تَتَكَسَّلَا
بِشَجَاعَةٍ وَبَسَالَةٍ قَدْ غَرَّدُوا
بِمَحَافِلِ الأَحسَاءِ مُنْذُ تَكَفَّلَا
حَصَدُوا الجَوَائِزَ مِنْ عَزِيمَةِ دَعْمِهِ
لَمْ يَدْعَمِ الشُّعَرَاءَ إلَّا مُجْزِلَا
هذا الفصل عبارة عن محاولة متواضعة لتسليط الضوء على شعر وشاعرية الشاعر ناجي الحرز من خلال استبيان يضم 10 أسئلة مباشرة ومفتوحة لإبداء الرأي. وقد تم إرسال هذا الاستبيان إلى 25 شاعرًا. فشكرًا جزيلًا لمن شاركني في هذا البحث، وعذرًا لمن لم يستطع المشاركة فيه.
يقول الشاعر محمد العلي عن ناجي أنه: ”من شعراء الطليعة في منطقة الأحساء، الذين سكبوا التوهج للقالب الشعري المعاصر، وكونوا نهجًا بنيويًا للقصيدة الحديثة ترتب عليه انبثاق كوكبة تابعة لهذا النهج، وصل بعضهم إلى عالمية الشعر العربي دون ذكر أسماء، فهو المؤسس لمنتدى الينابيع وهو الداعم وهو المخطط والمنفذ والراعي للمنتدى. نبغت شاعريته الأولى من بواكير حياته ومنذ نعومة أظفاره، حيث يتغنى بالشعر ذهابًا وإيابًا، فتشكلت لديه عجينة الشعر التي تفرد بصياغتها وتشكيلها الحس الشعري لديه“.
أما الشاعر عبد الوهاب أبو زيد يعبر عن رأيه في تجربة ناجي الشعرية بهذه الكلمات التي تنم عن معرفة تامة بشاعريته الثرية: ”لعل الملمح الأبرز لتجربة ناجي الحرز الشعرية هي أنها تجربة فطرية بامتياز؛ فناجي شاعر ذو موهبة فطرية توشك أن تكون محضة وخالصة. إنه يكتب الشعر كما يتنفس تمامًا، أو لنقل إنه يتنفس شعرًا. وهذا ما يفسر، ربما، تمكنه من الخوض في مختلف أنماط وأشكال الكتابة الشعرية بقدر متقارب من الجودة على مستويي اللغة الفصيح والعامي على حد سواء. غير أن هنالك من يرى إن موهبة ناجي أكبر من إنتاجه الشعري وربما كان السبب في ذلك يعود إلى عدم رفد ناجي لهذه الموهبة الكبيرة والملفتة بما يوازيها من محصول ثقافي غزير ومتنوع ومتعدد المشارب لا غنى للشاعر وللمبدع عنه“.
1 - إلى أي مدى وفق الحرز في توظيف مضامين التراث في شعره؟
2 - ما هي أكثر الأغراض الشعرية في شعر ناجي؟
3 - هل يمتاز شعر ناجي بالوضوح أو الغموض؟
4 - كيف تصنف وحدة القصيدة لدى ناجي؟
5 - كيف تقيمون الصورة الشعرية في شعر ناجي؟
6 - ما مدى حضور الموسيقى الشعرية في شعره؟
7 - ما مدى حضور اللغة الشعرية في شعرناجي؟
8 - ما الفرق بين الاتجاه الوظيفي والاتجاه الفني في وظيفة الشعر، وأين ترى شعر ناجي؟
9 - هل ترى ناجي شاعرًا ناقدًا أم ناقدًا شاعرًا؟
10 - ما مدى تواطؤ الشاعر ناجي مع آرائه النقدية؟
يعتبر تضمين التراث في الشعر مسألة هامة يجعل من الشعر ذا هوية وأصالة ويساعد أيضا على معرفة حاضر الشاعر وماضيه.
قال الشاعر محمد عبد الله العلي: ”لقد سلك الأستاذ ناجي منهج الأقدمين في الجزالة ومنهج المحدثين في الأسلوب، فتراه يكتب بأسلوب متناغم بالحس الذي يبني القصيدة الحديثة، والاسلوب الذي يركب عليه كلماته الرنانة، فتشكل تأصيلًا للأقدمين وتجديدًا للبنية الحديثة للقصيدة الحديثة، وتراه يوظف مضامين التراث أحيانًا في تلافيف البناء الشعري، فالتراث لديه بارز وواضح يأخذ منه متى شاء وكيف شاء حسبما يتطلب إليه موضوعه الانشائي“.
وأجاب الشاعر والباحث في التراث الأستاذ صادق السماعيل: ”إن النتاج الشعري للشاعر الكبير الأستاذ ناجي الحرز أصبح في رأيي مرجعيةً للباحثين والمؤرخين لتأصيل المصطلحات وردّها في اللهجة الأحسائية. وكذلك أصبح موردًا للاستشهاد به في مواضيع تراثية جمة. ويتجلى ذلك من خلال وفرة القصائد الشعبية التي تتضمن إلماحة أو مثلا أو مفردة تتشكل منها الهوية الأحسائية“.
وذكر الشاعر عبد الوهاب أبو زيد أن ناجي في شعره متمسك بالشكل الكلاسيكي التقليدي، حيث قال: ”وربما أخذ عليه البعض الآخر أنه لا يزال في الجزء الأكبر من متنه الشعري متشبثًا ومتمسكًا بالشكل الكلاسيكي التقليدي وهو لا ينكر ذلك على أية حال ولا يتملص منه إيمانًا منه كما صرّح في لقاء سابق معه بأن الإمكانات الجمالية والتعبيرية لهذا النمط الشعري لم يتم استنفادها بعد وبأن لديه القدرة على إضافة الجديد والمختلف والمغاير لمألوف ما كتب وفق هذا النمط الذي يشكل كما نعلم جميعًا الجزء الأكبر من تراثنا الشعري الممتد عبر العصور. ولا شك أن إضافة الجديد إلى مثل هذا التراث الشعري الراسخ يشكل تحديًا كبيرًا لمن يضع نصب عينيه بلوغ ذلك الهدف وتحقيق تلك الغاية“.
أما الأستاذ والشاعر زكي السالم يرى أن: ”الحرز شاعر متدفق سلسل الحرف، رقيق وحلو العبارة، سريع الانفعال والتأثر شعريًّا بما وبمن حوله، قارىء جيد للتراث. فمن خلال هذا العمق القرائي التدبّري، وقوّة الشاعرية وغزارتها، تجد التراث، مضامينَ ودلالات ورؤىً، حاضرةً بقوة في شعره“.
وللشاعر الأستاذ محمد الجلواح رأي في تضمين التراث في شعر الشاعر الحرز حيث قال: ”لم يغب التراث في شعر ناجي الحرز في معظم نصوصه الفصيحة وبالأخص تراث أهل البيت . كما تجلى ذلك في شعره الشعبي أيضا، وحضور المفردات التراثية والأمثال الشعبية والصور القديمة والمحلية. وقد يصعب الاستدلال على ذلك بنصوص من شعره الذي وظف فيه التراث ومضامينه المتوزع في مجموعاته ودواوينه الشعرية، كديوان «نشيد ونشيج»، و«صلوات في محراب العشق»، وغيرهما“.
تنوّعت أغراض الشعر العربي منذ العصر الجاهلي، وذلك حسب ما تقتضيهِ أحوالُ الناس، وبناءً على الأهداف التي قيل من أجلها الشعر في كلّ مرحلة، إلا أنَّه بشكلٍ عامّ كانت أغراض الشعر العربي محصورةً في عدة أغراض استمدَّها من البيئة التي خرجَ منها ([1)]، مثل المدح والرثاء والهجاء والغزل والفخر والحماسة والوصف والحكمة والفكاهة والتعليم والوعظ والتصوف والزهد، وغيرها.
يقول الشاعر العلي: ”أما الأغراض الشعرية في شعر الأستاذ ناجي فهي متعددة وأكثر ما يتضح لدي في شعره هو الشعور الاجتماعي والوجداني ليبني تراكيبه على نحو ينسجم مع الموضوع بأسلوب رشيق وكثيف بالصور المتجددة، من خلال البيئة أحيانا ومن خلال خياله الجامح أحيانا أخرى“. وقال الشاعر حسين المبارك: ”لقد طرق الاستاذ ناجي معظم أو جميع أغراض الشعر المتعارف عليها قديمًا“.
قال الأستاذ أبو زيد: ”ثمة بعد آخر من أبعاد تجربة ناجي الحرز الشعرية يتمثل في شعره الهزلي أو الفكاهي الذي أبدع وتألق فيه باللغة الفصحى كما باللهجة العامية المحلية وهو شعر يزخر بالشخصيات الظريفة والأحداث والمواقف المضحكة التي لا تخلو من بعد نقدي ذي مغزى اجتماعي وإنساني لا يخفى على العين الفاحصة والقراءة المتأملة“.
أما الشاعر السماعيل يقول: ”في نظري أنه لا توجد مغالبة كمية ونسبية في نوعية الأغراض الشعرية التي كتب فيها. فقد كتب في كل غرض وله نصيب وافر من الورد من كل بستان. فمن المدح والرثاء وما بينهما من مسافة طولية طويلة تجد في هذا المسار أغراض شعر تمتاز بالجودة والجدة، إلى غير ذلك من الأغراض المستجدة غير التقليدية التي طرقها دون غيره“.
وقال الشاعر الجلواح: ”يتنافس عدد من المواضيع في حضور شعره فإن قلت الشعر الولائي، وله فيه أكثر من ديوان، قفز لديك الشعر الفكاهي والساخر وله فيه ديوان وأكثر، وإن قلت هذا، حضر لديك الشعر الإخواني ويشهد بذلك «عنقوده» وإخوانياته الكثيرة التي جاءت بعده ولم تُرصَد في ديوانٍ بعد، وإن قلت الوطني فالإنساني فالعاطفي فالمناسبات وكلها أغراض شعرية وفيرة في شعره. زاده الله عطاءً وإبداعا“.
يرى البعض أن الغموض في الشعر مشكلة في حد ذاتها وهي مرتبطة بالشعر العربي قديما وحديثا، حيث يصبح البيت الشعري الغامض مادة دسمة للنقاش والحوار والتفسير والتأويل. وظهرت هذه المشكلة على الشعر بعدة أشكال، وهي: الألفاظ الغريبة والألفاظ المشتركة والتعسف في الصياغة ودقة المعاني [2] .
قال العلي: ”أما الوضوح والغموض فأنا لا أعتقد أن الاستاذ ناجي من دعاة الغموض، فهو واضح الشخصية ليعكس وضوحه على كتاباته في فنه الشعري الجميل، وهذا لا يعيبه بالطبع، ولكنه يكسبه نهجًا فريدًا يأخذ به السالكون نهجه ليستفيدوا من تجربته الشعرية الجميلة“.
وقال السماعيل: ”هو واضح كوضوح النهار وغامض كغموض الليل. البساطة غير المتكلفة في شعره وكذلك الرمزية اللذيذة التي يحقن بها قصائده لهي أدل دليل على شاعرية هذا الرجل وعبقريته.. ودونك ما أتحف بها المكتبة الشعرية من دواوين محكمة وناجزة تقف شاهدة على ذلك“.
وأما السالم قال واصفًا شعر ناجي: ”استطاع الحرز وبتميّز أن يحقق المعادلة الصعبة شعرًا، وهما الوضوح التام من خلال رقة الحرف وانسيابية العبارة، وعذوبة المفردة، مع عمق المعنى والدلالات والبعد عن المباشرة“.
وقال الجلواح في هذا المجال: ”أما شعره، فيمتاز بالوضوح والسهولة والسلاسة، ولا غموض فيه، وهذا ما جعل شعره على لسان أحبته وأصدقائه ومتابعيه. بل قد تعجب كيف أنه يُطَوّع المفردة الشعبية أو الفصيحة ليجعلها سهلة التناول. مما يمكنك أن تطلق على شعره «السهل الممتنع» وأنت في غاية الاطمئنان، ودونك ديوانه «قصائد ضاحكة»، و«العنقود» وسائر شعره ونتاجه الكثير“.
للنقاد قديمًا وحديثًا آراء شتى في تحديد المراد من ”وحدة القصيدة“، حيث يختلف التعريف والمفهوم باختلاف تخصصات النقاد لأن المفهوم ذو طبيعة غير مستقرة. أحيانا تعني الوحدة الموضوعية، وأحيانا تعني الوحدة العضوية، وقد تعني وحدة الغرض، وقد تعني وحدة شعورية ووحدة نفسية، وغير ذلك من المفاهيم [3] .
في رأي الأستاذ السماعيل: ”أن شعر الأستاذ أبي عبد المجيد وكما استمعت إليه وقرأت له، لهو شعر ناهض في معناه ومبناه وتراكيبه وجمله ومفرادته، وذو وحدة موضوعية لا تعرف التشتت والبعثرة والحشو“.
أما الأستاذ السالم يزعم: ”أن الحرز من القلائل بين شعرائنا الذي تجد وحدة الموضوع والهدف بنصّه ماثلةً تمامًا، دون اللجوء لتشتت المضامين، أو ترهل القصيدة. فنصُه، يأخذ كل بيت فيه بتلابيب الآخر، ويدفع المتأخر منه المتقدم ليشكلا فسيفساء إبداعية قلّ نظيرها“.
أما الشاعر الجلواح يرى: ”من خلال قراءاتي لنصوصه، أرى أن وحدة القصيدة عنده قائمة ويستعمل أسلوب السرد القصصي في بعض قصائده للتمهيد لموضوعها، دون أن يخل ذلك من وحدة القصيدة. وأحيلك مثلا إلى معظم قصائد ديوانه «خفقان العطر» فنصوصه في رأيي متماسكة الوحدة الموضوعية“.
ويرى الشاعر أحمد الرمضان أن: ”الأستاذ ناجي شاعر الحب، الواضح في قصيدته التي تتسم بوحدة الموضوع والصور البديعة. ولغته حاضرة في الاتجاهين الوظيفي والفني. وكيف لا وهو الشاعر الناقد الذي تتلمذ على يديه الكثيرون“.
يقول الجاحظ: ”الشعر فنٌّ تصويريُّ يقوم جانب كبير من جماله على الصورة الشعريّة، وحسن التعبير“، وعناصر الصورة الشعرية هي اللغة الشعرية والموسيقى الشعرية [4] .
قال المبارك: ”إن قصائد الاستاذ مطرزة بالصور الشعرية التي تكفي في تحقيق الغرض المطلوب من القصيدة“.
ويقول العلي: ”أما الصورة في شعره، فهي صورة ذات طابع حرزي خاص انفرد بخصوصية متحركة تجعل المتلقي يحلق معه في سماء الجمال بانشداد تام وكأنه طفل قد شدته الرسوم المتحركة، فيغامر مع صوره ليصل إلى محتوى فني رائع“.
أما السماعيل يرى: ”ما أعرفه عن شعره، انطباعيًا فيما أشرت له، أنه شعر غض وطري لا يبلى حرفه ولا تأتي لكلماته التجاعيد، بسبب كمية الجمال التي يضخها في صوره الشعرية“.
والأستاذ السالم يقول: ”الحرز ذو خيال خصب، ورؤية بلوريّة صافية، وعين باصرة، يختزل الفكرة باقتدار ليُخرجها بجلاءٍ أعمق. فحين وظّف هذه الأدوات كانتِ الصورة لديه جليّة عميقة، وفِي ذهني الآن عشرات الأمثلة من شعره والتي تؤيدني بقوة، ولكن ضيق المساحة هنا يوقف استرسالي“.
أما الشاعر الجلواح قال: "ويمكن القول أن الصورة الشعرية في شعره صورة غير ثابتة وتعتمد على حالة القصيدة وجوّها. وسأعرض بعض الصور التي أدهشتني منذ البداية من ديوانه الأول «نشيد ونشيج» فقط، وسينسحب ذلك على باقي مجموعاته الشعرية. فهو يقول في قصيدة «نشيد الجراح»، ص 13:
وضَمّخْتُ صبر النخيل العتيد وأشجانهن بأشجانيه
وفي قصيدة «في شَرَك الدموع»، ص 21:
والآهة الحيرى التي قطعت على حلمي الطريق وصادَرَت أفراحي
فوقعت في شَرَك الدموع كأنني ما كنت يوما من ذوي الإفصاح
وفي قصيدة «الدمعة الثانية»، ص 25:
أم هل أبثكَ ما لقيت وأنتَ في عيني تذود من الجفون سباتي
وفي قصيدة «قال المسكين»، ص 71:
قال المسكين.. أتذبحني من يقرب بركانا ثائر؟؟
وغيرها كثير من الصور الجميلة".
ورد في معجم المعاني في تعريف مفهوم الموسيقى الشعرية: ”الموسيقى عنصر جوهري في الشعر، لا قوام له بدونها وهي أقوى عناصر الإيحائية فيه، حتى لقد قيل أن الشعر موسيقى ذات أفكار. وموسيقى الشعر ترجع أساسًا إلى الوزن والقافية إذ ينشأ عنهما وحدة النغم والإيقاع «المراد بالنغم الوزن الذي تسير عليه القصيدة والمراد بالإيقاع وحدة هذا النغم أي التفعيلة» [5] “.
يرى السماعيل أنه: ”عند الغوص في بحور شعره التي كتب على مجملها كثيرًا من القصائد والموشحات والترانيم والسبحانيات تجد الحضور الطاغي للموسيقى في تمثلات الكتابة الشعرية والتي يصطاد بها أذن مستمعيه بقدرة فائقة. وهنا أشير إلى جمالية إيقاعاته في شعره الشعبي الذي ينتشي بالروح ويطربها عبر تعالق فني بديع بين الحكمة والطرفة“.
ويقول السالم: ”بتصوري ومن خلال قربٍ وامتزاج بناجي شخصًا وفنّا، أجدُه دقيقًا إلى درجة «الوسوسة» في اختيار موسيقاه وإيقاعه، وبحوره ورويّه، ميّالا للبحور ذات الجرس التأثيري على السامع، فتجد المفردة لديه ممسكًا بعضها ببعض، والإيقاع لديه يأتي منسابًا مع موضوعه“.
يرى الشاعر القدير الجلواح أن الحرز: "شاعر محافظ على الوزن والقافية والشطر الشعري المرتبط بالموسيقى الشعرية الخارجية والداخلية، في أغلب نصوصه وإن كان قد أصدر ديوانا يحتوي على نصوص نثرية فنية هي «رسائل مجنون آخر» وتجد هذه الصور بادية في ثنايا البيت الواحد، أو في كامل القصيدة كما في قصيدته الشهيرة:
هي الأحساء.. يا قلب المُعَنّى فأطلق من لحون العشق لحنا"
ويرى المبارك في هذا المجال أن: ”موسيقاه الشعرية منتقاة بشكل رائع، ومناسبة للغرض الشعري“.
اللغة الشعرية هي هوية الإبداع في الشعر، وهي العلامة الدالة على انتماء ما قيل أو كُتب إلى دائرة الشعر [6] .
يقول الأستاذ العلي عن لغة ناجي الشعرية: ”فهي لغة اتخد فيها الجمال والكمال ليشكلا نموذجا يفضي إلى وريف من السحر الذي يتغلغل إلى أفياء الروح فلا تكاد تسمع أو تقرأ قصيدة له إلا وتقول ليتها لم تنته إلى هذا الحد!“.
ويرى السماعيل أن: ”لغة الأستاذ ناجي الشعرية هي خلطة نادرة ذات مقادير حرزية خاصة. لا يمكن تقليدها أو مشاكلتها. ولعل سعة اطلاعه ووفرة معجمه اللغوي ومراسه وخبرته ووعيه الشعري هي من تنضج خبز قصيدته“.
ويقول السالم: ”اللغة الشعرية أسُّ البناء الفني للقصيدة، ولن يسمو نصٌ تحليقًا إلا بها، وبرأيي أن الحرز دقيق حدّ الدهشة في اختيار مفردته، وانتقاء حرفه، ليشكل منهما لغته الشعرية الأنيقة التي لا تشبه أحدا“.
ويرى الجلواح أن: "اللغة الشعرية هي ضرب من الصورة الشعرية التي سبقت الإجابة عليها. وإن كانت الأولى تتناول الشكل الخارجي. واللغة تتناول الشكل الداخلي للصورة. وكلاهما تحضران بقوة في شعر ناجي الحرز. فخذ هذه الصورة الشعرية التي تتمازج فيها اللغة الشعرية بجانِبَيْها في قوله:
عَطِّري الأنسام مرة.. لوني الأنغام مرة
وابزغي نورا على الأرواح من قلب المجرة
واسكبي في زرقة الأمواج من عينيك نظرة"
الاتجاه الوظيفي والاتجاه الفني في شعر ناجي:
يرى الأستاذ المبارك أن: ”الاتجاه الوظيفي يركز كثيرًا على الغرض من القصيدة وأما الاتجاه الفني فيركز على الجوانب الفنية التي تخدم القصيدة كالمحسنات البديعية. والاستاذ ناجي أراه يهتم بالجانبين بشكل يخدم القصيدة دون أن يطغى أحدهما على الأخر“.
أما الأستاذ العلي يرى أنه: ”تزدان القصيدة لدى الاستاذ ناجي بنهج بنيوي متمكن يوظف موضوعه بكل دقة، فتراه يتجه حسب الموضوع وحسب مقتضى الحال، فالتوظيف الخاص بالكلمة يجنحها إلى الخيال فالاتجاهان متوفران لديه، فالتوظيف الدقيق للكلمة يجنحها اتصال إلى مجازات متعددة، وتأخذ كنايات وتوصيفات صورية جديدة“.
والأستاذ السماعيل يعتقد: ”أنهما باتجاه عمودي نحو الضوء. فهذان الاتجاهان هما خطان متوازيان ونخلتان سامقتان تلمحهما جليا في شعر الأستاذ ناجي. فالوظيفي والفني يتخذان مسارًا يتكثف فيه المعنى ويتحد به الحرف حتى لكأنهما وردة توزع الجمال على كل ناظر“.
وللشاعر السالم رأي جميل في هذا المجال حيث قال: ”الشعر منطلقُه الرئيسي الفن بكل أدواته إبهارًا وتجليًا ومُتعة، ثم تأتي الرسالية التي تمنحه بُعدًا معنويًا وارتقاءً هدفيّا يُجليه في أبهى صورتِه الوظيفية عقديًا أو نصحويًا أو تقويمًا، وبرأيي أن الحرز وُفق إلى حدٍ بعيد في المزج بينهما واستلال الجمال والابداع من كليهما“.
ناجي شاعرا ناقدا أم ناقدا شاعرا:
يرى الأستاذ الجلواح أن: ”ناجي الحرز شاعرًا ناقدًا ومقوِّمًا ومقيّمًا، وما اختياره لعدد من الشعراء الشباب الذين تميزت مواهبهم الإبداعية. وإصدار ديوان لتجاربهم إلاّ دليل تقييمه لشعرهم ونقده لأدبهم. وكما نرى ذلك جليًا في الجلسة الأسبوعية لمنتدى الينابيع الهجرية“.
والأستاذ المبارك يرى أن: ”الاستاذ ناجي شاعرًا وناقدًا في الوقت نفسه وإن كانت شاعريته هي الأقوى“.
وبرى الأستاذ العلي: ”أن موهبته الفريدة جعلته يمتطي ظهر الفرسين اللذين أعدهما لمنهجه الفني، فتراه ناقدًا أحيانًا وشاعرًا أحيانًا أخرى، ففرسا الرهان لديه جاهزان يمتطي أحدهما متى ما احتاج إلى ذلك“.
قال السماعيل عن ناجي: ”أراه شاعرًا وناقدًا في ذات الوقت. ودونك مدوناته الشعرية والبحثية التي سبر من خلالها أغوار الأدب واللغة“.
ما مدى تواطؤ الشاعر ناجي مع آرائه النقدية:
يقول المبارك: ”يحاول الاستاذ ناجي دائمًا الابتعاد عن مواطن النقد التي يراها مخلة بالقصيد أو حتى بشخصية الشاعر“.
ويرى العلي: ”أما تواطؤه مع أرائه النقديه؛ فهنا تقرير بأنه ناقد، فأنا أرى بأنه يوظف ملكته حسبما تقتضي الحاجة، فالتواطؤ مع هذه الملكة يجعل الشاعر ناقدًا لنفسه الشاعرة، وهذا النهج يمكنه أن يختار موضوعه وكلمته بدقة متناهية ينفرد بأسلوب واضح يتجلى فيه حسن البيان وتمام المعنى“.
أما الأستاذ السالم فيقول: ”حين يطرح الشاعر رؤاه النقدية، وانطباعاته الإبداعية، ومنهجه الشعري؛ فحتمًا سيُطبقه حين يطلق العنان لمخياله الشعري، وهنا ناجي لم يتواطأ مع آرائه النقدية وحسب، وإنما جسّدها بكامل جماليّاتها التي خطّها نهجًا نقديًا في كتابته الإبداعية، وهكذا يجب أن يكون المبدع“.
أما السماعيل فيرى أن ناجي: ”يملك مجسات دقيقة يقيس بها شاعرية كل شاعر، حيث يحتفي بكل ينبوع يتفجر من ينابيع هجر احتفاءً بالشعر والشاعرية“.
مسك الختام:
كلما تعمقنا في دراسة شعر وشاعرية الأستاذ ناجي الحرز نكتشف جوانبَ مشرقة في شعره ونتاجه الأدبي. فهو قامة شعرية أحسائية، وله بصمات مشرقة في النهوض بالشعر والشعراء في الأحساء الحبيبة. وقبل أن يكون شاعرًا فهو إنسان يحمل بين جنبيه قيمًا إنسانية عظيمة، لذلك كان يعمل بشكل دائم للإرتقاء بالنص الشعري وبقائله ذلك الإنسان الذي يعيش في أحضان النخلة وبين سعفات هجر. وقد تجلت إنسانيته في اهتمامه بالشعراء الشباب، فهم الذين سوف يحملون راية الشعر الأحسائي عاليًا، وسوف يحافظون على حيويتها مرفرفة شامخة على مدى العصور جيلًا بعد جيل.
وأختم بهذه الكلمات الرائعة التي سطرها عبد الوهاب أبو زيد: ”خلاصة القول هي أن على من يتصدى لدراسة الشعر الأحسائي المعاصر أن يقف طويلًا عند هذا الاسم الذي كان في شعره وفي واقع حياته مَعلمًا ومُعلمًا ومرشدًا لأسماء كثيرة، تتلمذت على يديه واحتواها وتولاها بالرعاية والحنو والحدب حتى نمت ونضجت واستوت على سوقها، ليظل هو نخلة هجرية شعرية سامقة تبسط ظلالها في سماء الأحساء، التي ستظل تحمل في يمناها التمر وفي يسراها الشعر، في ثنائية العطاء اللامنقطع إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها“.