آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 2:20 ص

«على ضوء دراسة أكاديمية»

قطوف

عادل القرين *

على ضفاف الإنسانية يتجلى البيان، ويُشدُّ العنان، على ناصية كل أمرٍ يحوينا بالرفق ويحتوينا بالتحنان.

نعم، الحياة قصيرة، فما هي رسالة أعمارنا فيها؟

وبماذا نُعرف الرفق؛ ولمن نُعطيه؛ ومن يستحقه؟

وما هي القصص والحكايا التي أنجت أصحابها لحسن تعاملهم؟

فالرفق بشكلٍ مُبسطٍ جداً: هو الرأفة والعطف والرعاية بكل من يُحيط بنا سواء أكان إنساناً أو حيواناً أو نباتاً.

هذا من جانبٍ، والجانب المُهم في دواخلنا نحن البشر هي الإنسانية، فمتى ما عرفناها، وأدركناها، ركبنا قوارب الغاية، وأعواد الدراية، وجدفنا للنجاة والفوز بالجنة، ومرافقة أهل الفلاح والصلاح.

حتى أن في الحديث الشريف ثبت بأن الناس صنفان: ”إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق“.

فما حالنا إذا ما تجلت أمام أعيننا طُرق الجنة لأبسط الأمور، فما أعظم الرب، وبهاء الدين، والحرز القويم.

فهل تذكرنا نجاة ذاك العبد الصالح وفوزه بقصور الجنة، نتيجة رفقه بتلك القطة التي فقدت من يرعاها لجنسها؟

أم حكاية تلك العجوز التي أعمرت الأرض بالرعاية والسقاية واخضرار الأشجار في طريقها.

حيث جعلت من تصحر الرمل مسبحةً للدعاء، ومن الطيور صلاةً للبهاء، ومن الثمار طعاماً للعطاء.

فكم يُحتسب الأجر لها ولأترابها؛ وكم كبدٍ رطبةٍ أحيتها وربتها بفعلها؟

أجل، لولا رفق الإنسان بمن حوله لما تجدد الدين في دواخلنا بالمعاملة، فما حال عطف الأبن بوالده كما أعطاه؛ ولأُمه التي سهرت عليه بتلك الليالي الحالكة بالحرارة والبرودة على حدٍ سواءٍ؟

لولا الرفق بما حولنا لما استدامت الأرض بخضرتها وسمائها، فكم طيرٍ يُحلق؛ وكم غُصنٍ يُفَلقْ؛ وكم دعوةٍ مُستجابة حيالها؟!

فهل نُنكر بأن كل شيءٍ يُحيط بنا يُسبح الله ويُقدسه؛ أم إننا نؤمن تارة، ونستفيض جواره؟

فكم هرةٍ تسكن البيوت، وكم حمامةٍ تُزين مدارها؛ فإذا ما ماتوا الكل قالت أُمهاتنا بلهجتنا الأحسائية:

”غدا الشر، واستقر الأجر بحفظ الرحمن“.

الرفق يا أحبائي هو العطف على أهلنا كما ربوبنا واعتصروا قلوبهم لأجلنا، حتى أنهم قصروا على أنفسهم بأبسط الأمور، كيما يرونا بأفضل حال، وأحسن نوال.

والرفق بأن نؤمن بهذه المقولة المتواترة: ”كما تُدين تُدان“.

فهُنا جدي وجدتي، وهُناك عمي وخالتي، وهُنا عزي وعزوتي.. فكم لُطفٍ جلي يقومه خالق علي.

فالحمد لله على صُحبتهم لنا بالصحة والعافية والعُمر المديد والخير المُستزيد.

إذن الرفق أن نعطف على ذلك الصبي المسكين بعربته المُتجولة، وتلك المرأة التي تجوب الأسواق الشعبية للقمة عيشها، ومساعدة زوجها المُعاق ربما، والكبير بإنما، والقاصر بريثما.

وكذلك الرحمة بذاك العامل الذي أحرقت الشمس كاهله ونواظره، وهو ينظف نفايات أفعالنا المُشينة لكنس أوساخنا، والمُضحك المُبكي في آن بأن لا نُنبه من حولنا بتقصيره وتوفيره وننس أنفسنا مُكابرةً!!

أما رواية الخاتمة، فهي لتلك السيدة التي أطالت النظر للسماء، فظللها الله بكل العطايا لنجاح أولادها وأحفادها.

فإذا ما أردنا أن نستدر الكلام بالمكان والزمان، فلنذهب إلى دور العجزة وكبار السن، وكذلك المشافي، لنعرف ذاتنا تحت كلامهم وملامهم بصدق الدموع وانحناء الموجوع، أو لنروي لأصحابنا دلالة ذاك المعاق الذي أفنى عُمره في مُساعدة الآخرين بالصدق والاحترام دون قيدٍ يُذكر أو مالٍ يُسيّر!