آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

أتقبلك ناقصاً - لا أتقبلك كاذباً

سوزان آل حمود *

يعرف الكذب بأنّه نقيض الصدق، وهو قول ما يخالف الحقيقةَ مع العِلم بها، ولقد جاء التحذير من الكذب في القرآن الكريم بشكلٍ واضحٍ ومباشرٍ، حيث قال الله تعالى: «إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ».

والحياة بدون الصدق تصبح جحيم.. لذا وجب أن يكون جميع الناس يتصفون بالصدق في تعاملاتهم الحياتية لأن الإنسان لايعيش بمفرده

فينبغي أن يكون الأصدقاء دائما صادقين، فعندما يكذبون يصبح من الصعب علينا تقبّل الأمر، في بعض الأحيان يكذب أصدقاؤك بشأن أشياء تخصّ حياتهم، لأنهم يشعرون بالحرج من الاعتراف بالحقيقة. أو مراعاة لمشاعرك.

وربما يعرف صديقك أنك ستغضب إن قال لك الحقيقة. والواقع أنّ بعض الأصدقاء يتجنّب الصراع والمشادات الكلامية، لأنّها ضارة بالصداقات وتنمّي المشاكل مع الوقت. فإذا كان مزاجك سيئًا، سيحاول صديقك تجنّب الدخول في أحاديث عدائية معك، خصوصاً إذا كنت لا تسمع إلا ما تودّ سماعه.

وماأحلى أن يكون الصدق بين الأزواج فهذا هو الأولى لتبقى العلاقة الأسرية المربي الأول.. فما هو مبرر الكذب بين الأزواج؟، وهل تستقيم الحياة الزوجية وطرفاها يكذبان على بعضهما البعض، أو أحدهما على الأقل يكذب على الآخر؟.. الكذب بين الأزواج قضية بسيطة في ظاهرها، وقد يراها البعض نوعاً من التفكه، لكنها خطيرة في جوهرها، والغوص في تفاصيلها قد يأخذنا إلى أجوبة قاسية…

الكذب بين الأزواج هو الطامة الكبرى، وإن وجد في أسرة فثق تماماً أن هناك أمراً غير أخلاقي يحدث في الخفاء، ولا فرق إن كان هذا الشيء بسيطاً أو عظيماً، لأن المبدأ هنا هو الذي يحكم القاعدة، وبالمناسبة نحن نتحدث عن رفضنا للكذب بين طرفين يشكلان نواة أسرة في مجتمع، لكن هذا المجتمع يسامح ويغفر للزوج الكاذب أحياناً، ويقف بالمرصاد لكل ما يصدر عن المرأة، والعدل أن تكون المواقف واحدة كما أمرنا ديننا الإسلامي. لكننا نجد ان الوالدين يقبلان ان يكذبوا ولا يقبلوا بكذب ابنائهم والطامة الكبرى عندما تكتشفوا أن طفلهم فعلاً يكذب!

كيف كان شعور الصدمة لأول الأمر؟ ما هي دوافع الكذب لدى الأطفال؟ وما هو الحل الأمثل للقضاء على هذا السلوك السيِّئ عند الأطفال؟

هناك بعض الدوافع التربوية والنفسية والسلوكية التي تجعل الطفل يكذب؛ لأن الكذب سلوك مجتمعي مكتسب وليس فطريًّا، ومن ضمن هذه الدوافع السيئة: تلك التي تصدر من الأهل تجاه الطفل؛ كالقسوة والتعجيز والانغلاق الذي تمارسه الأسرة على الطفل، بالإضافة إلى التوبيخ والنقد الهدَّام، ودائمًا هناك معادلة ثلاثية في هذا المجال تقول: ”إن الولد سوف يخطئ، ومع أسلوب الأسرة القاسي سوف يخاف، وبالتالي سوف يكذب“، فهي معادلة ثلاثية؛ فالطفل كذب؛ لأنه خائف من الأسلوب القاسي الذي سيُعامَل به من الأب أو الأم.

كما يتطلب علينا أن لا نطلب من الأطفال أن يشهدوا ضد أنفسهم، أو أن يطلب منهم الاعتراف بأخطائهم، وبدلاً من ذلك يجب جمع الحقائق من مصادر أخرى، ووضع القرارات بناءً على هذه الحقائق، وفي حال إذناب الطفل تجنب العقاب، ويجب مد يد العون للطفل.

تأسيس مستوى للصدق وتشكيل قدوة للطفل.

مناقشة الحكمة والمغزى من الصدق يتم التبيين فيها أن الكذب شيء غير محبب وكذلك السرقة والخداع.

الابتعاد عن استعمال العقاب الذي يبدو أن الطفل يعفى منه لو دافع عن نفسه بأسلوب الكذب، لأن الأطفال سوف يكذبون حتى يوفروا على أنفسهم إهانات الكبار، مساعدة الأطفال على التعلم بواسطة التجربة بتوضيح أن الكذب غير ناجح ويعمل الإضرار به، كما يجب أن يبين له أن الصدق أفضل ويقلل من العقاب، سامحه إذا قال الحقيقة وعاقبه عقاباً مناسباً إذا غير الحقيقة. وافهمه أنك تتقبله بكل أخطائه ناقصاً لكنك لن تتقبله كاذباً، فالكذب بوابة لجميع الرذائل.

ختاماً

لكي أتقبل الزوج، الأخ، الصديق، الإبن وأتقبله ناقصاً يكون الاعتماد الأول على التربية منذ الطفولة فإذا نشأ الطفل في بيئة تحترم الصدق ويفي أفرادها دائماً بوعودهم وإذا كان الأبوان والمدرسون لا يتجنبون بعض المواقف بأعذار واهية كعادة التغيب والمرض، وبعبارة أخرى إذا نشأ الطفل في بيئة شعارها الصدق قولاً وعملاً فمن الطبيعي أن ينشأ أميناً في كل أقواله وأفعاله. وهذا إذا توافرت له أيضاً عوامل تحقيق حاجاته النفسية الطبيعية من اطمئنان وحرية وتقدير وعطف وشعور بالنجاح واسترشاد بتوجيه معقول.

اصبح الكذب بالنسبة له شيء مذموم يتجنبه وسوف يتقبل هو نفسه بكل نقائصها.

المصدرالتربوي:


كتاب“الإدارة الصفية”ل د. مفضي مساعيد /د. سعود الخريشة