آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 1:35 م

رقية وألم المصاب

عبد الله حسين اليوسف

عندما تترعرع الطفلة في حضن الأب والأم ويكون والدها علما شامخا وصاحب مبدأ ورسالة تنهض بالأمة وتربي أجيالا تحمل الرسالة من بعده تكون هي رفيقة له في هذه حمل هذه الرسالة.

استعد والدها للنهضة وهم بالسفر من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة وصولا إلى أرض الشهادة كربلاء في بلد الرافدين العراق.

وقد كانت الطفلة تراقب والدها وتعيش في كنفه وحين يدخل إلى البيت تكون مثل الحمامة التي تحوم حوله وتحاول أن تخفف عنه بابتسامتها وحركتها الطفولية وتفرش له سجادة الصلاة للنافلة وكان يحضنها ويقبلها وكأنه يقول لها سوف ترافقيني إلى الجنة بعد استشهادي.

دارت المعركة في ساحة الطف وكانت الطفلة في الخيمة تسمع العويل والصياح وضربات السيوف وتختبئ تحت الوسادة لعلها تقيها من رمية سهم أو طعنة رمح.

أخذ الوقت يمر سريعا وانتهت المعركة بسقوط والدها الشهيد مضرجا بدمائه وانتهز الأعداء ذلك وأقدموا على حرق الخيام.

وهنا جاء الأمر بأن فروا إلى البيداء فتعلقت الطفلة بعباءة النسوة لتهرب من النار التي أوقدها الحقد الدفين على أهلها وجرت أحداث كثيرة بعد ذلك حتى غادرت الطفلة كربلاء مع الركب الحسيني إلى الكوفة ثم إلى الشام وهي تراقب تلك الأحداث بعينين غائرتين وقلب مصدوع فما جرى عليهم لا يكاد يتحمله عقلها الصغير .

بعد طول الطريق استقر بهم الأمر في خربة الشام وهناك حنت الطفلة لرؤية أبيها وكيف تدرك فقده وأنه لن يعود أبدا فأصرت على طلب رؤيته وعلا صياحها ونحيبها ووصل صوتها إلى العدو الذي تجرد من الإنسانية والرحمة وأمر بأن يرسل لها رأس ابيها مغطى بمنديل.

فتحته الطفلة لتجد الرأس الشريف وكأنها تراه لأول مرة مع العلم أنها كانت تراه معلقا على رمح طويل لكنها كانت تستشعر بالأمان بوجوده لانه كان يرمقهم بعينه ويرعاهم بفضل وجوده.

احتضنت الرأس الشريف لتبث شكواها وألمها وما أن بثت شكواها وألمها طلبت من والدها أن يأخذها معه إلى الجنة كما وعدها حتى توقف قلبها عن النبض وجسدها عن الحراك وعيناها ترمق ذلك الجسد بدمع همول.

انتقلت الطفلة إلى رحمة الله لتكون شاهد عيان على ما جرى لأهلها «بأي ذنب قتلت».

عندما نتأمل هذه القصة نقف على عدة نقاط:

- هل الطفلة لم تشعر بالخطر الذي يدور على أهلها؟

هل الطفلة لم ترى الحرب وما حدث على أخوتها وأهلها؟

هل كانت الطفلة تشعر بالسبي والتنقل من مكان إلى آخر؟

مع كل ذلك طلبت رأس والدها واعتقدت أنه سبيل الخلاص من كل تلك الآلام.

بعد هذه الأسئلة ندرك أن الحالات الإنسانية في الحروب تؤثر على الأطفال كثيرا وكيف يعانون وهم لا حول ولا قوة.

فهذه الحروب تؤدي إلى صدمات نفسية واضطرابات في النوم وأمراض جسدية وعصبية لايستطيعون تحملها.

أخيرا نتمنى السلامة لجميع أطفال العالم باسم السيدة رقية وأن يحمي الله أطفال المسلمين من شرور الحروب وآهاتها.