أتفق الديكان ثم أختلفا
في حظيرة حديقتنا عاش ديك وعشر دجاجات بسلام ومحبة حتى رزقنا الله جيلا جديدا العام الماضي، حيث فقس البيض فاصبح الجميع عشرين دجاجة وخمسة ديكة.
كبر الديكة واشتد الصراع بينهم فاستخدمت المخالب والمناقير للنقد ونتف الريش وسالت الدماء. وكان من الضحايا بعض الدجاج اللواتي اضطررن للاختباء وترك الطعام خوفا حتى وافى الأجل دجاجتين. عندها اضطررت للتدخل عسى ان تقف هذه الحرب الطاحنة. فدخلت الحظيرة ذات يوم وقد أستعنت بشرشف وغترة وبالكاد أصطدت ثلاثة من الديكة ووضعتهم في قفص وخرجت مسرورا لاتسعني الأرض وكأني قد اصطدت ثلاثة غزلان.
وضعتهم في السيارة وانطلقت لمنزل ابن العم وما إن فتح الباب حتى قبلت جبينه وقلت له: عندي لك هدية ثمينة. فتحت باب القفص وأطلقت الديكة في حديقتهم ورجعت مسرورا الى البيت وقدأنهيت المهمة بكل نجاح.
بعد يومين وفي الصباح الباكر طرق أبن العم باب منزلنا فأسرعت الى الباب وإذا بقفص الديكة وعليه ورقة كتب عليها «بضاعتكم ردت اليكم».
عندها قررت أن أنقل الديكة الى إستراحة أملكها في أحد المدن المجاورة. فتحت باب الإستراحة وأطلقت الديكة من القفص فأنطلقوا كالصواريخ. كنت أتفقد الديكة كل أسبوع بالطعام والماء. ولكني فقدت أحدهم بعد أسبوع وبقي اثنان. صادف أن جاء العمال في الإستراحة وتركوا الباب مفتوحا ويبدو أن الديكة وجدوا طريقهم الى الشارع فتولتهم الكلاب الهائمة ولم أجد لهم أثرا بعدها.
ترك هذا في قلبي أسى ولوعة على هؤلاء الثلاثة ديكة. فرجعت ذات يوم الى المنزل وقررت ان أعلن الخبر للديكين المتبقيين في الحظيرة عسى أن يصلحا حالهما وتقل خصومتهما.
قلت لهما أحبائي الديكة ما أحلى صياحكما وتهليلكما كل صباح ومساء وما أقبح تخاصمكما وصراعكما. لقد فقدنا الثلاثة ديكة في الإستراحة وأرجو أن يكون في هذا درس بليغ لكما. إن لكما في النمل والنحل خير قدوة ومثال. فعمل النمل ومثله النحل كفريق واحد هو أهم عناصرالانجاز.
فهم الديكان ونظر كل منهما الى الآخر بإستحياء وفي عيونهما حسرة على زملائهما المفقودين. قضينا ذلك اليوم والليلة في هدوء وسكينة. وقبل طلوع الفجر أختلف الديكان من يصيح أولا وفجأة تحول الخلاف الى شجار بالمخالب والمناقير فسالت الدماء مرة آخرى.
أخبروني أيها الأعزاء:
كم رأيتم من البشر يتصارع كالديكة على مستوى المدراء في الشركات والأفراد في المجتمعات؟
أو ليس التعاون والإنجاز أفضل من العداوة والبغضاء؟