رسالة الحقوق... حق الطفل
قال الإمام علي بن الحسين زين العابدين «عليهما السلام»:
وَأمّا حَقُّ الصَّغِيرِ فَرَحْمتُهُ وتَثقِيفُهُ وتَعْلِيمُهُ وَالعَفْوُ عَنْهُ وَالسِّترُ عَلَيهِ وَالرِّفْقُ بهِ وَالمَعُونَةُ لَهُ وَالسِّترُ عَلَى جَرَائِرِ حَدَاثتِهِ فَإنّهُ سَبَبٌ لِلتَّوبَةِ وَالْمُدَارَاةُ لَهُ وتَرْكُ مُمَاحَكَتِهِ، فَإنَّ ذَلِكَ أَدنى لِرُشْدِهِ.
بين فينة وأخرى تتناقل وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تتضمن استخدام العنف ضد الأطفال وتتضمن هذه المقاطع صور من الضرب الوحشي أو العنف اللفظي أو ما أشبه...
لذلك يتوجب علينا مراجعة هذه الرسالة الحقوقية التي سبقت انشاء اليونيسيف «منظمة الأمم المتحدة للطفولة» وقبل إعلان حقوق الإنسان 1948 م والتي قال عنها سماحة الشيخ باقر شريف القرشي رحمه الله: ”من المؤّلفات المهمّة في دنيا الإسلام“ رسالة الحقوق ”للإمام زين العابدين، فقد وضعت المناهج الحيّة لسلوك الإنسان، وتطوير حياته، وبناء حضارته، على أسس تتوافر فيها جميع عوامل الاستقرار النّفسي“ «1». ويقول عنها المرجع السيد محمد تقي المدرسي: ”هي بيان لقيمة الإنسان، وكشف عن منزلته وكرامته“ «2».
وفي هذا المقال المختصر أود التحدث عن حقوق الأطفال كما بينها الإمام زين العابدين ، فالأطفال هم صفحة بيضاء، أبرياء يتصرفون معنا بكل براءة... يبتسمون إليك بصدق، يلعبون في بيتك ويشبعونه حيوية وبهجة وسرورا حتى وإن صدرت منهم بعض الأخطاء.
حقوق الأطفال
يحتاج الطفل إلى لغة الرحمة والعطف لينمو نموًا سليمًا، لذلك لابد من توفير بيئة يسودها الأمن والأمان ليشعر الطفل بالرحمة والاستقرار النفسي.
إن العنف الذي يمارس ضد الطفولة في بعض المجتمعات لا يتولد منه إلا المشاكل النفسية والسلوكية فينشأ الطفل وهو يعاني من ضعف الشخصية وانعدام الثقة، وضعف المهارات التعليمية والاجتماعية، وانزلاق الطفل في أحضان العديد من المشاكل الإجرامية.
لذا نؤكد على إشباع الطفل بالرحمة والرفق عند التربية والابتعاد عن كل أساليب العنف حتى لو كانت بالنظر فكما يقول أمير المؤمنين «لا أدب مع غضب» «3»
إن التعليم حق من حقوق الطفل، ويشمل حقّ التّعليم تأهيلَ الأطفال، ومساعدتَهم على تنمية شخصيّاتهم وهواياتهم، إلى جانب قدراتهم الجسديّة والعقليّة، ممّا يساعد على صقل شخصيّة الطّفل، الإمام علي : ”العلم من الصغر كالنقش في الحجر“ «4». ذلك لأن طلب العلم في الصغر تجتمع له من أسباب النجاح، وتتهيّأ له من عوامل الثبات، ما لا يجتمع لمن بدأ يطلب العلم كبيرًا، لأنّ الصغر هو مظنّة الخُلُوّ من الشواغل، فإذا طلب العلم في هذه السن المبكّرة، تمكّن العلم من قلبه.
وهنا أيضاً ينبغي توفير وسائل التعليم الحديثة المناسبة لعصرنا وتوجيه الطفل للاستفادة من هذه الوسائل، ومن البرامج التعليمية.
لابد من التعامل مع تصرفات الطفل بالتي هي أحسن والتي تشمل:
فطفلك ليس معصومًا عن الخطأ، فلا تقابل الخطأ بعقاب صارم بل عليك أن تعفو عفوًا تربويًا وذلك من خلال توضيح الخطأ وكيفية علاجه، قال رسول الله ﷺ: رحم الله من أعان ولده على بره وهو أن يعفو عن سيئته ويدعو له فيما بينه وبين الله «5».
فلا تكن قاسيًا، ففي ذلك عواقب وخيمة قد تصل إلى مرحلة الكراهية بين الطفل ووالده. فكن رفيقًا متسامحًا بطفلك.
فلا تكن نشرة أخبار تنشر هذه الأخطاء والسلبيات بين أفراد العائلة، بل عليك أن تحتوي وتحاصر الخطأ في دائرتك وتساهم في علاجه مع طفلك ففي ذلك «سبب التوبة» أي تصحيح الخطأ.
يتعامل الطفل مع الأشياء وفق رؤيته ووفق رغبته المخالفة لرؤيتنا ورغبتنا وعلينا أن لا نجبر الطفل على تنفيذ العمل بما نراه نحن فله طريقته الخاصة في التنفيذ وقد تكون صحيحة وتؤدي إلى نفس النتائج، ولذا علينا بمسايرته ومدراته ف ”المداراة أحمد الخلال“ و”ثمرة العقل مداراة الناس“ «6» كما روي عن الإمام علي
أي عدم المجادلة في الأمور التافهة والبسيطة، ولكن عندما يتحول الطفل إلى الطفل المجادل العنيد فعلينا أن نتعامل معه بطريقة أخرى وتعليمه السلوكيات الصحية والخاطئة.
إن بناء طفل متوازن ومنضبط ليست بالعملية السهلة ولذا علينا أن نتعلم أساليب التربية الإيجابية المستوحاة من كلمات أهل البيت ومن المهتمين في الأمور الأسرية.