وقود الاصلاح الحسيني «15»
الشهيد جوين بن مالك التيمي
قال الله تعالى: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ» 207 آل عمران. وقال سبحانه: «فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر وما بدلوا تبديلا» 23 الحشر.
ويقول الإمام الصادق «عليه السّلام» في الزيارة: «السّلام عليكم يا أولياء الله وأحبّاءه، السّلام عليكم يا أصفياء الله وأودّاءه، السّلام عليكم يا أنصار دين الله، السّلام عليكم يا أنصار رسول الله، السّلام عليكم يا أنصار أمير المؤمنين، السّلام عليكم يا أنصار فاطمة سيدة نساء العالمين، السّلام عليكم يا أنصار أبي محمّد الحسن بن علي الزكي الناصح، السّلام عليكم يا أنصار أبي عبدالله، بأبي أنتم واُمّي طبتم وطابت الأرض التي فيها دُفنتم، وفزتم فوزاً عظيماً، فيا ليتني كنت معكم فأفوز معكم». «02»
لقد كان أصحاب الحسين «عليهم السّلام» صفوة البشرية يومئذ، وسادة المسلمين. فهم بين صحابي سمع حديث الرسول ﷺ ووعاه، وبين تابعي مَحّصَ الحقيقة. وجُلّهم حضر مشاهد أمير المؤمنين «عليه السّلام»، إضافة إلى ذلك منزلتهم الاجتماعيّة، فهم زعماء المسلمين وفرسانهم، وعلماء الاُمّة وجهابذتها، وسادة الناس. فقد كان تصميمهم على الموت واستبشارهم بالشهادة لم يعهد في جيش من جيوش الإسلام، ولم يكن هذا منهم من قبيل المصادفة، بل كان صدىً لعقيدة راسخة، وولاء صادق، وقدم ثابتة في الإيمان والجهاد. «02»
بين أيدينا في هذه الحلقة الجوهرة الخامسة عشر من خرزات هذه السلسلة، والتي التحقت بركب شهداء الإصلاح الحسيني في كربلاء، رغم إنها وصلت من الكوفة مع جيش ابن سعد لمحاربة الإمام الحسين ، وهذه الجوهرة هي:
الاسم: الشهيد جوين بن مالك التيمي
الضريح: ضريح شهداء كربلاء
الوفاة: يوم عاشوراء 61 ه
المدفن: كربلاء
أعماله البارزة: المنفصلون عن جيش عمر بن سعد «01»
جُويَن بن مالك بن قيس الضبعي التيمي «أو التميمي»، «استشهاد 61 هـ » من شهداء كربلاء. كان أول أمره في جيش عمر بن سعد، فلما ردت شروط الحسين ، انفصل هو وآخرون عن جيش الكوفة، والتحق بالإمام ليلاً. وأشار البعض إلى أنّ اسمه جوير بن مالك أو حوي بن مالك، وخلط البعض بينه وبين جون مولى أبي ذر. «01» وجاء أن جوين كان نازلاً في بني تيم، فخرج معهم إلى حرب الحسين، فلما ردّت شروطه ، مال معه فيمن مال ليلاً. «03» وجاء: لما رأى جوين بن مالك أن شروط الحسين قد ردت، مال معه فيمن مال من عشيرته ليلا، وكان عددهم سبعة. «04» وقيل: جُوَينُ بنُ مالك بن قيس بن ثَعلَبة التَّيْميّ الضَّبُعِيّ، نسبةً إلى ضَبُعِ بنِ وَبرة، بطن من القحطانيّة عرب الجنوب في اليمن. «05»
استشهد جوين بن مالك في الحملة الأولى يوم عاشوراء. «01» وجاء: لقد أدركَتْ جوين الرحمةُ الإلهيّة، بعد أن حكّمَ بصيرته، فرأى أن يُقْدِم بحزمٍ على نصرة ابن بنت رسول الله صلّى الله عليه واله، ووصيِّ النبيّ ووريثهِ بالحقّ الإمامِ الحسينِ بن عليّ عليهما السّلام، فمال بكلِّه إلى صفّ الإمامة النيّرة والخلافة الشرعيّة، يقاتلُ دونهما، مُقدِّماً روحَه بين يَدَي مولاه وسيّدهِ سيّد الشهداء عليه السّلام. ويُظَنّ أنّه رضوان الله عليه استُشهِد في الحملة الاولى، بعد أن قاتل بين يَدَي إمامه أبي عبدالله الحسين عليه السّلام؛ ليُخلَّدَ ذِكْرُه في شهداء طفّ كربلاء، ويكون له مع الأصحاب قبرٌ مُجلَّلٌ يُزار على مدى القرون. «05»
ورد اسمه في زيارة الناحية: سلام على جوين بن مالك الضبعي". «01» بل خصّه الإمام المهديّ المنتظَر سلام الله عليه وعلى آبائه بسلامه الخاصّ، فقال في زيارته لشهداء يوم عاشوراء: السلامُ على جَوَينِ بنِ مالكٍ الضَّبُعيّ. «05»
وهنا تنتهي حلقتنا هذه باستشهاد ”جوين بن مالك الضبعي“ مناصراً لأبي الضيم وابو الحرار ومدافعاً عنه، بل مناصراً للحق الالهي. بعد انتقاله من معسكر الظلام والظلال، وانقاذ نفسه من نار سعرها جبارها لغضبه، والتحاقه بركب الشهداء، إلى جنة عرضها السماوات والارض، أعدها ربها لرحمته.