حقيقة الدعاء
يتحدث ابني أبان مع زميله في المدرسة فإذا به يقول أنا لا أحب الإله الخالق. استغرب منه وسأله لماذا، قال: لأني كثيراً ما أطلب أموراً ولا يلبي طلبي. قال له: يعوضك في الجنة عن كل ما تطلب، فرد زميله: ”I don’t believe in this“ أنا لا أعتقد بهذا.
أحياناً يتذمر ويمتعض البعض لعدم تحقق أمانيهم، أو لحدوث مرض أو مشكلة ما، مادية أو معنوية، ويضعف أمام أهوائه ويبدأ بالابتعاد عن الله سبحانه وتعالى جهلاً منه، وكأنما يريد دعاءً فقط يلبي طلباته بلا تخلف ولا ابتلاء أو صعوبات متناسياً ”وَلَعَلَّ الَّذي اَبْطأَ عَنّي هُوَ خَيْرٌ لي لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الاُْمُورِ“ «1».
فربما تقتضي المصلحة تأخير التحقق أو حتى عدم تحقيق الطلب لأمر ما، وكثيراً من الأحيان يتضح لنا لاحقاً أن في عدم حدوث ما تمنيناه خير لنا ولعل الملاك يظل مجهولاً لدينا ولكنه معلوم عند الله سبحانه وتعالى.
أتسائل أحياناً، هل نحن موحدون حقاً! هل تظهر علامات التوحيد في دعائنا!
يوجهنا الإمام محمد بن علي الجواد بالنهج الصحيح كما هو ديدن الأئمة في تعليمنا الحق بالدعاء ومضامينه حين سأله أحد أصحابه عن دعاء يدعو به الله عز وجل فكتب له: تقول إذا أصبحت وأمسيت: اللَّهُ اللَّهُ اللَّهُ رَبِّيَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وإن زدت على ذلك فهو خير، ثم تدعو بما بدا لك في حاجتك فهو لكل شيء بإذن الله تعالى يفعل الله ما يشاء «2».
هذا الربط في الدعاء لقضاء الحاجة بتوحيد الله سبحانه وتعالى له دلالة على أهمية إدراكنا بوحدانية الخالق المدبر وأن الأمر كله بيد الله عز وجل. علينا أن نصل بدعائنا إلى مرتبة التوحيد واليقين بأن الرحمانية والرحيمية من الله، والمشيئة مطلقاً بيده وتحت تدبيره. ليكون كل ما ندعوه من الله إلى الله. فالخير نعمه وما لانريد حكمة.
نسأل الله سبحانه وتعالى بأحب الخلق إليه، محمد وآله الطاهرين أن يرتقي بواقعنا إلى ما هو أفضل وأن يفعل بنا ما هو أهله والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله أجمعين الطيبين الأطهرين.