آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 10:22 م

الثقافة توظيفها الوعي

جمال الناصر

الثقافة والوعي، مفهومان متداخلان، فإن المثقف، يجيء حافظًا المعلومات في بعض معانيه، مع أنه في قاموسنا اللغوي، قرن الحفظ بالفهم في تعريف المثقف. إن ما درج عليه الوضع الثقافي، أن المثقف صاحب معلومة، لذا يجتهد الإنسان، ليحصل على قدر كبير من المعلومات في أكثر من لون ومشرب، هنا يسمى مثقفًا، كونه حافظًا، لديه معلومات. من هنا يأتي الوعي، الذي يوظف هذه الثقافة في الإنسان، أكانت ثقافة عالية، أم بسيطة، أم هي نتاج خبرات، عتقتها السنون، لتضيء المخزون المعرفي، تخرجه من دائرة الذاتية إلى الواقع المعاش، متخذًا السبل النقية في توظيفها، والاستفادة منها على الوجه الأجمل.

عرف المثقف بأنه وعاء، يحتضن المعلومات، في حين أن الوعي، يشبه بأنه، كالشخص، الذي يعبر من هذه الضفة، ليقطع النهر، للضفة الأخرى، وفي عبوره، الطريق مملوء بالأشواك، عبوره بشكل صحيح، يدلل على وعيه، في كيفية عبوره. لذا فإن الوعي، هو الفهم، الذي يوظف توظيفًا صحيحًا. وعليه، فإنه كل ما زاد وعي الإنسان، كلما أحس بالغربة والعزلة - بالضرورو بمكان -، هكذا يبدو في بعض حالاته.

نعم، إنها حقيقة بقدر ما، أو نسبة ما، يتبعها البعض، حيث أن الإنسان، الذي يمتلك قدرًا كبيرًا من الوعي، فإنه سيشعر بالغربة والعزلة، إضافة بأنه سيتخذ من الاستغباء أسلوب تعامل مع المعطيات، التي تواجهه - إن أمكنه ذلك -. إن الغربة هنا والعزلة، ليس في قاموسها، الابتعاد الجسدي عن البيئة الاجتماعية والثقافية..، والمشاركة الفعالة في المجتمع، إنما، تأتي العزلة والغربة الذاتية، حيث سيشعر الإنسان بغربته الذاتية، أحلامه وأمنياته، مستواه العقلي والثقافي، تطلعاته المستقبلية، سيشعر بالغربة، ولكنه حينها سيشعر بالأمل نظير أحلامه الضوء.

إن الثقافة، تمثل لهفة الإنسان، سعيًا باحتواء المعرفة في حياته، يغذي عقله بها، يثري أفكاره، ينضجها ثقافيًا، ليعرف حينها، السبل النقية في استشراف المستقبل، وما ينبغي أن يكون عليه، منقحًا إياها بالوعي. نحن في عصر الثقافة، المعلومة أصبحت متوفرة بشكل يسير، خصوصًا بوجود العالم الافتراضي - الإنترنت -، إضافة إلى قنوات التواصل الاجتماعي - السوشل ميديا -. إنه من خلال هذه الفسحة الثقافية باتساع أفقها، فإن الوعي، يتطلب الاختيار النوعي، لما نريده أن يدخل أدمغتنا من ثقافة، أن نتعامل معها بعقلية الاختيار الأفضل، وترك الترهات، التي تجعل العقل بليدًا، ولا تمنحه الحياة، فإن الثقافة حياة، لذا ينبغي أن نجعل حياتنا مزدهرة بالثقافة النظيفة، النقية من الشوائب، لنعيشها في أجمل حلتها، ونستطيع أن نفيد من خلالها غيرنا.