«تمكين المرأة» الطريق نحو المسؤولية
مازال ميزان قضايا المرأة في تأرجح بين قبض وبسط، وهذا ما نشهده بشكل واضح في مختلف المناسبات التي تجعل من شؤون المرأة مائدة حوارية ساخنة، فما بين فئة تعتبر تأخر المرأة عن مواكبة الرجل في الميادين المختلفة تخلفًا قائمًا بذاته، ترمي فئة أخرى أسباب التفكك الأسري والتمرد النسوي الاجتماعي والانحلال الأخلاقي على عنصر تمكين المرأة.
وما يبدو هو غياب فكرة العلاقة الطردية بين التمكين والمسؤولية عن أذهان الكثير، فتُبخس المرأة حقها في الاعتراف بدورها المسؤول في الحياة عندما تكون سيدة مُمكنة بخلاف السيدة المسلوبة الحقوق والتمكين، وهنا يجدر بنا التذكير بتمكين المرأة على مستوى التعليم، والذي حُورب في بدايته وراحت كثير من الفتيات ضحية تلك المعارضة الظالمة، ولكن التجربة أثبتت أن التمكين التعليمي، والذي يؤدي إلى اقتصادي، قاد المرأة إلى مشاركة الرجل مشاركة فعلية جديرة بالتقدير، وهناك الكثير من الأمثلة التي تبيّن المفارقة على سبيل المثال بين الوعي المالي للمرأة العاملة وضعفه أو انعدامه لدى غير المُمكنة.
كذلك المجالات الأخرى، تحمل القيمة والمبدأ ذاتهما، فنحن نشهد ذلك بوضوح ليس فقط في التجارب العالمية أو الشهيرة بل حتى في يومياتنا العادية، حيث الفروقات الواضحة في تقدير وتحمل المسؤولية بين امرأة وأخرى، وعندما نعود للظروف والأحداث، نجد أنها شاركت في صناعة هذا الإنسان المسؤول. فكلما ارتفع تمكين المرأة اشتدت عليها المسؤولية.
وبطبيعة الحال، لهذا التمكين أثر في صناعة الشخصية، فالرجل سبق المرأة بحصوله على التمكين التعليمي والاقتصادي والاجتماعي وحتى الشرعي، ولهذا سبقها في رفع المسؤولية وتقديرها، ولكن هذا لا يعني أن المسؤولية والكفاءة هي تمييز نوعي ذكوري فوق الأنثى، إنما للتمكين ومنح المفاتيح وفسح الطرق أثر لا يُستهان به في صناعة شخص مسؤول، والتجارب الحديثة لكلا الجنسين كالابتعاث تثبت ذلك.
والخلاصة المُحيرة، أن الشخصية المسؤولة شخصية منتخبة في معظم المجالات، كالعمل والأسرة والمجتمع وكذلك على مستوى الوطن، فالمواطن المسؤول مُفضل، فكيف يريد الناس امرأة مسؤولة دون تمكين يتسبب في صناعة المسؤولية؟ هنا يعتصر السؤال وينفجر.