آخر تحديث: 14 / 11 / 2024م - 9:36 ص

افسَحُوا المجال.. لقد حان وقتُنا

محمد محفوظ *

تركزت دراسة تطور وتكيف الإنسان على مر العصور على حدة التغيير وطبيعة المتغيرات من حوله، حقب متتالية من الإنجاز والفهم المتطور لطبيعة الحياة من حولنا ساعدت الإنسان على التقدم والازدهار أكثر فأكثر مع مرور الأيام، ولعل أفضل من يمكن أن يدُلنا على هذا الطريق هم كُتاب وبُحاث التاريخ من أقوام سبقتنا، من كتاباتهم عرفنا أن الطريقة التي عاش بها الآشورييون على سبيل المثال تختلف عن الطريقة التي ازدهرت بها مصر القديمة بقيادة الفراعنة، ولكل حقبة من تلك الحقب أبناؤها الذين تعلموا من الماضي ليطوروا من أنفسهم ويرسموا خطاً أكثر وضوحًا لمستقبل أكثر إشراقًا.

اختلاف النظرة الإنسانية والفكر الضمني للإنسان الأول بالأجيال المتعاقبة أدى بشكل مباشر لتطور البشرية، ولولا ذلك الحس الإبداعي ولولا تلك الرغبة الملحة للتحسن والتطور بشكل مستمر لما وصل الإنسان اليوم لما هو عليه، لقد ارتقى الإنسان إلى درجات اعتبرتها أقوام سابقة خرافات من عالم الخيال قبل أن تتحقق، وبالرغم من كل ذلك لم يتوقف الإنسان يومًا عن الإبداع، ذلك الإبداع صاحبه بالضرورة تغيرات فكرية وعقائدية ومجتمعية ساهمت دائماً باختلاف ملموس للطريقة التي ينظر بها كل جيل للعادات والتقاليد المجتمعية والنظرة الفكرية وحتى العقائدية للجيل السابق، هذا الاختلاف الصحي لا يمكن إلا وأن يكون جزءًا لا يتجزأ من دائرة الحياة وتاريخ الإنسان على ذلك خير بُرهان.

كغيره من الاجيال السابقة يعيش“جيلي”الملقب بجيل الألفية منذ سنوات ذلك الصراع الفكري الاجتماعي العقائدي المُلح مع ما يلقب بالجيل X وهو جيل مواليد الفترة ما بين أعوام 1965 و1975، واسمحوا لي أن أقول بأن بؤرة جيل الألفية وهم مواليد الثمانينيات وبداية التسعينيات هم من يحملون راية التغيير اليوم بكل جرأة وتحدي، منطقياً أتى هذا التغيير بشكل تلقائي حيث أن جيل الألفية تحصل على مميزات تفوق تلك التي أُتيحت للأجيال التي سبقته، التقدم التكنولوجي والانفتاح على الأمم التي سبقتنا بالتعليم والتقنية وانخراط نسبة لا بأس بها من أبناء هذا الجيل بالابتعاث وتلقيهم التعليم بأرقى الجامعات كلها أمور أدت لفتح آفاق جديدة بنظرة مستقبلية أكثر ازدهاراً، لم يعد العالم اليوم منطوياً على نفسه كما كان قبل 40 إلى 50 سنة مضت، لقد بات التعليم سلاحاً تحارب به الأمم بعضها لبسط الهيمنة الاقتصادية والفكرية كلٌ بمنطقته، ومن هذا المنطلق يبدو جيل الألفية أكثر انفتاحًا وجرأة لإحداث التغيير بأسرع وقت ممكن.

هذا التغير المرجو الذي ينطوي تحت سلسلة التغييرات الصحية لأي مجتمع على كوكب الأرض من الطبيعي أن يواجه بالكثير من الرفض من قبل أجيال اعتادت على أسلوب حياة معين تسيره عادات وتقاليد يرفضون كسرها، غير أن دائرة الحياة ستستمر بالدوران لتحمل هذا التغيير وتجعل منه حقيقة لا يمكن إنكارها.

أرجوكم اعلموا أن“جيلي”جيل الألفية تقع على عاتقه مهمة إحداث تلك النقلة النوعية التي ستغير من أسلوب حياتنا وتحسن من طريقة تفكيرنا وتجعلنا نتطلع لأفضل مما نحن عليه، إنها بكل بساطة مهمة مقدسة نحملها على عاتقنا ونحن على علم تام بأننا نعد العدة لنقلة نوعية أكبر سيحدثها الجيل الجديد الذي سيعقبنا، ذلك الجيل الذي سيغير من أسلوب حياة الإنسان بشكل كلي على سطح الأرض بل وقد ينقل الإنسان إلى عوالم أخرى، الطريقة التي عاش بها أجدادنا تختلف عن تلك التي عاشها آباؤنا، والطريقة التي سنعيش بها بلا شك ستختلف عن تلك التي عاشها من سبقنا، العادات والتقاليد المجتمعية ستتطور بنواحي وتنكمش بنواحي أخرى مع مرور الوقت وهو أمر لا مفر منه مهما كانت نسبة الرافضين لذلك، إنها طبيعة الإنسان على مر العصور ولن نكون نحن بكل تأكيد من نضرب تلك القاعدة عرض الحائط، الانفتاح على الأمم الأخرى طور كثيرًا من نظرة جيلي الفكرية وهو ما سيفتح لنا آفاقًا جديدة حدودها السماء.

من حق الأجيال السابقة أن تمتعض من سرعة التغيير، ولكن ذلك الامتعاض وإن أخذ بعين الاعتبار لن يمنع جيلي من المضي قدمًا مهما كلف الثمن، فمن ناحية ليس هنالك وقت كافي لإضاعته، ومن ناحية أخرى يجدر بنا أن نفكر منذ الآن بالطريقة التي سيعيش بها أبناؤنا من بعدنا، نحن قادرون تماماً على إحداث نقله نوعية بأسلوب حياتنا نحو الأفضل على مختلف الأصعدة، بعض التغييرات قد لا يتقبلها الجميع وقد لا يتكيف معها الجميع ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال عدم صحتها أو جدوتها على المدى الطويل، مع مرور الوقت سيكون لنا عاداتنا وتقاليدنا الخاصة ولمستنا المجتمعية الخاصة ورؤيتنا الخاصة وفكرنا المعاصر الخاص، ومع كامل التقدير لأجيال سبقتنا اسمحوا لنا بهذه المساحة فقد حان وقتنا.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
محمد جاسم
[ الأحساء ]: 10 / 8 / 2019م - 5:49 م
أختلف معكم بأن سيكون لنا أسلوب حياة خاص بنا

بل الواضح أن من ذهب لبلاد الغرب للتعلم رجع بأفكار غربية مستوردة.

وأجيالنا القادمة ازداد فيها حب التملك والاستهلاك خدمةً للرأسمالية المستعرة وكذلك ازداد فيها التمرد على عاداتنا وتقاليدنا ورميها بالتخلف في حين قلما تجد من رجع باختراعات وابتكارات تنفع الوطن أو حتى بأخلاق الغرب الحميدة المزعومة
متخصص بالإدارة و التسويق و التجارة الإلكترونية، أرى هذا العالم بمنظور خاص قد يكون مختلف بشكل نسبي عمّن حولي، لي إهتمامات كثيرة من بينها علاقات الدول السياسية الإقتصادية، التغيرات المناخية و تأثيرها على الإقتصاد العالمي و التوعية البيئية.