مهارات إدارة الغضب
جميعنا نتعرض لمواقف تجعلنا نستشيط غضبًا وقد ندمر كل تلك الإنجازات، وقد نخسر أموالًا وأصدقاء أو أقرباء، قد ندفع الثمن غاليًا بسبب الغضب.
كيف تتعامل بطريقة إيجابية مع الغضب؟
دعنا نقتبس من سيرة الإمام الباقر هذا الدرس المهم في حياتنا.
روي أن شاميًا كان يختلف إلى مجلسه «مجلس الإمام الباقر »، ويستمع إلى محاضراته، وقد أعجب بها، فأقبل يشتدّ نحو الإمام وقال له:
يا محمّد إنما أغشى مجلسك لا حبّاً مني إليك، ولا أقول: إن أحدًا أبغض إليَّ منكم أهل البيت، واعلم أن طاعة الله، وطاعة أمير المؤمنين في بغضكم، ولكني أراك رجلاً فصيحاً لك أدب وحسن لفظ، فإنّما اختلف إليك لحسن أدبك!!.
ونظر إليه الإمام الباقر بعطف وحنان، وأخذ يغدق عليه ببرّه ومعروفه حتى تنبّه الرجل وتبين له الحق، وانتقل من البغض الى الولاء للإمام ، وظلّ ملازمًا له حتى حضرته الوفاة فأوصى أن يصلي عليه[1]
هذه الرواية تعلمنا دروس مهمة في فن إدارة الغضب والتعامل مع المستفزين «المثيرين للغضب» منها:
فلا تتفوه بأي كلمة سيئة أو ألفاظ غير لائقة حتى لا يزيد غضبك ولن تستطع أن تسيطر على فعلك، بل حاول أن تتكلم بشكل هادئ ولا تترك نفسك للانفعال وهكذا تكون أنت المسيطر والمسئول عن الموقف، واذكر الله واستعذ من الشيطان الرجيم قبل أن يتملكك الغضب يقول تعالى: «وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» الآية 36 سورة فصّلت
وهكذا فإن التصرف بهدوء مع الشخص المستفز ليس ضعفًا، بل إن الشخص القوي هو من يبتعد عن الصراعات الصغيرة كما ورد عن الإمام الباقر : لا قوة كرد الغضب [2] .
قال الإمام الباقر : أيما رجل غضب وهو قائم فليجلس فإنه سيذهب عنه رجز الشيطان، وإن كان جالسا فليقم... [3] .
وهذا علاج آخر لتهدئة النفس وإخماد نار غضبها، لأن الإنسان في حالة الوقوف يكون مهيئًا للانتقام أكثر منها في حالة الجلوس، وفي حالة الجلوس منها في حالة الاضطجاع، وتؤكد الدراسات النفسية المعاصرة، من أن أعصاب الجسم ترتخي وترتاح في الانفعال أثناء الجلوس أو الاضطجاع.
روي عن الإمام الباقر : صلاح شأن الناس التعايش، والتعاشر ملء مكيال: ثلثاه فطن، وثلث تغافل [4] .
وهو مبدأ في غاية الأهمية يجب علينا جميعًا أن نتقنه فلا نقف عند كل صغيرة أو كبيرة وشاردة وواردة.
تجاوز، تغابى عن بعض التصرفات التي تسبب لك الغضب، تغاضى عنها وكأنك لم ترها أو تسمعها سواء كنت في بيتك أو عملك أو تصرفات من أبناءك أو في الحياة الزوجية.
نعم تغافل ولا تغضب.
قال الإمام الباقر : من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه حشا الله قلبه أمنا وإيمانا يوم القيامة [5] .
التسامح أداة قوية فلا تحاول دائما أن تجازي من أساء إليك وأغضبك حتى وإن كنت محقًا اجعل للصفح مكانًا في قلبك واجعله خاليًا من الضغينة، وتذكر الجزاء الوفي لمن يسيطر على غضبه يقول تعالى: ”وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ“ الشورى /37
ورد عن الإمام الباقر : إن هذا الغضب جمرة من الشيطان تتوقد في قلب ابن آدم، وإن أحدكم إذا غضب احمرت عيناه، وانتفخت أوداجه، ودخل الشيطان فيه [6] .
صحتك النفسية هي واحدة من أهم مفاتيح الحفاظ على الصحة بشكل عام، فإذا شعرت بالسعادة سوف يكون لهذا تأثير إيجابي على صحتك، والعكس، إذا كنت غاضبًا، فسوف يكون له تأثير سلبي على الصحة.
أمراض القلب، ارتفاع ضغط الدم، اضطراب النوم، مشاكل في الجهاز التنفسي، الصداع، متلازمة القولون العصبي.
يمكنك تجنب هذه الأمراض عندما تسيطر على غضبك.