قل خيراً أو لتصمت
يتفق العقلاء أن الكلمة الطيبة ”صدقة“ والمقصود بالصدقة هنا هي كل ما يُقرب إلى الله سبحانه وتعالى وليس بذل المال، فأن تكون صامتاَ عاقلاً خيراً من أن تكون ناطقاً جاهلاً، دلل على ذلك قوله ﷺ ”من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت“، وهي سجية البعض وجنس من الجنة لأن الجزاء من جنس العمل.
الصمت امتحان عسير على البعض، وهي لغة لا يتقنها الكثيرين، وبخاصة إن شاهدوا بأم أعينهم مالا يسرهم أومن لا يسير بركبهم، فتثير بذلك كوامن الغيرة في نفوسهم وهو داء ليس له دواء.
فعندما تفكر قبل التصرف، سوف تصبح دائماً فاهماً لبعض الأمور من حولك، وبذلك لا تخطئ بحق أي شخص، أو ترد عليه متسرعاً، مما يجنبك الوقوع في مواقف محرجة وسيئة مع الآخرين، فالرد المتأني الحكيم يأتي بعد برهة من التفكير، يجعلك تكسب من حولك بكل سهولة وببساطة فائقة، ولا تأتي هذه الملكة بيوم وليلة بل بمرور الشخص بعوامل كثيرة كالخبرة والنظرة الثاقبة والمواقف المختلفة وأسلوب التفكير والاعتماد على التفاؤل والبعد عن التشاؤم.
أن الفرق واضح وجلي لمن يريد رضا الله سبحانه وتعالى ومن يريد غير ذلك والفرق بين بينهما تجده بالكلام سواء الحسن منه أو القبيح، فالعاقل يفكر ثم يتكلم والأحمق يتكلم ثم يفكر، فديدن الإنسان العاقل ومبتغاه رضى الله سبحانه وتعالى وطاعته، لذا تجده يختار كلماته بعناية، أما غيره فلا تهمه هذه التفاصيل بل يميل إلى التجريج والتعنيف.
فعلى الرغم من صغر حجم اللسان بالنسبة لأعضاء جسم الإنسان إلا أنه أعظم هذه الأعضاء خطراً عليه لكونه المقود الذي يوجه الإنسان فبه يستقيم أو ينحرف عن جادة الصواب، فأن أتقن لجمه وتعليمه وتدريبه بمحارم الله وطاعته والكف عن إيذاء الناس بالقول والفعل جنى بذلك سعادته بالدنيا والآخرة، وإن أطلق عنانه ونال من المؤمنين وغيرهم جلب له الويلات والهلاك.
أن التجريح بالكلام الذميم لا ينتج منه إلا الضرر وهي محاولة للتحبيط أو للظهور بقاعدة خالف تُعرف، وإن كان الإنسان مخطئ بعمل ما فأسهل وسيلة للتقويم هي النصيحة الطيبة المباشرة، فهي أفضل بكثير من التجريح والشماتة والاستهزاء، قال تعالى بمحكم كتابه الكريم ”ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ“ - 125 - سورة النحل.