آخر تحديث: 26 / 12 / 2024م - 8:23 م

حيرت فكري معاك

ياسين آل خليل

الشاعر والفيلسوف الأمريكي هنري ديفيد ثورو يقول ”بغض النظر عما تعنيه لك الحياة من خسّة وحقارة، استقبلها وعشها، لا تعزلها وتطلق عليها أسماءً قاسية“.

على الرغم من كونك في موقع مريح ورائع، إلا أنك تصر على البحث عن كل ما هو سلبي، تنغص به عيشك، ولو كنت تعلم مسبقًا أن الأمر ليس كذلك. إذا كان ركب الحياة في واد، وأنت وتصورك في واد مغاير، كيف لك أن تجد الراحة التي بحثت عنها لسنين، ولم تجدها..! بربك هلا توقفت للحظة وأيقنت بنفسك ما أنت فاعل.

تشكو من سوء العلاقة مع أحد من معارفك، فتضع حدًا لتلك العلاقة، ومن ثم تشكو الوحدة، وتندب حظك لابتعاد الناس عنك، فتدخل في علاقة جديدة، وما هي إلا أيام معدودات حتى تبدأ في التشكي من جديد. ما هي قصتك، وماذا تريد؟

تغير القناة هذه المرة وتنتقل من جديد لتتحدث عن عملك، وكيف أنك مظلوم مقارنة بأقرانك ممن تعتقد أنهم لا يجاروك في مؤهل أو عمل، فتفكر بالاستقالة أو البحث عن عمل آخر. أيام قليلة على ترك عملك، تبدأ معاناتك مع صعوبة تلبية احتياجاتك. بقدرة قادر تحصل على وظيفة أحلامك، فينتقل عقلك الى مواضيع أخرى، لتبدأ المعاناة من جديد في مسلسل لا ترى بصيص نهاية قريبة له. أسألك بالله أن تكفّ تذمرًا. حيرت فكري معاك.

ما أن تبدأ العثور على أشياء تستوجب الشكر، حتى تشعر من جديد بالهضيمة، وبأنك مقيد بتعليمات وأفكار تشغلك على الدوام، وتتسبب في وضعك ضمن هذا الإطار الضيق من التذمر المستمر.

في الواقع، نحن لا نكره ذلك الجانب الملموس من حياة الإنسان في مجتمعاتنا، بقدر ما ننفر من المشاعر التي تخلفها كثرة التشكي التي تطال كل شيء. بات على الفرد منا أن يخفف من تلك المعاناة التي طالت كل شيء، لما لها من أعراض جانبية سلبية على الحالة النفسية والصحية. لقد آن الأوان الى النظر إلى الجوانب الإيجابية والمشرقة من الحياة، حتى تتمكن كإنسان من إبداء الشكر والامتنان لما تتمتع به من نعم قد تغيب عن مخيلتك، وأنت لا شك، تنعمت بها في أمسك قبل يومك، وما زالت في خير ونعمة منها.

إذا ما انتهزت فرصة عيش الحياة بكل ما تحمله من حلوها ومرها، فأنت تتكون لديك عادة حمد النعم. تبنيك لعقلية إيجابية يسودها الإنصاف والعدل، الى جانب تنقية نواياك، هي رسالة تنبيهية لنفسك قبل غيرك، أن الحياة قصيرة وعليك أن تغتنمها في تعديل مسارك، فكرًا وعملًا، وقبل فوات الأوان.