مستنقع التلميع
يقال: كلما ابتعدت عند الصدام طال عمرك، وهنا ما يؤكد صحة هذا الكلام حول ما يثار من نقاشات في الدائرة الثقافية والفكرية والدينية والاجتماعية على وجه العموم.
إننا في مثل هذه الأيام نرى كثرة من أولئك «المطبلين» الذين يرسمون لنا طريقًا صنعوه لنا من أجل شخصيات أزيل من جلدهم الغبار، تأتي في المقدمة من يعمل في السلك الديني هو الأخطر في نظري، لماذا؟ لأن هؤلاء «المطبلين» لديهم ربما القدرة على الضحك على كثير من بسطاء المجتمع، بدعوى هؤلاء هم حماة الدين، ومن أنت حتى تقيم فلانًا وفلانًا؟ بل لا يقبلون المساس بهم بأي شكل من الأشكال، في حين يصبون جام غضبهم مع من يختلف معهم في الفكر والرؤية والمنطق.
وبالتالي على أفراد المجتمع ألا يقعوا فريسة التطبيل من خلال المساهمة بالدفاع غير الواعي وغير المسؤول، وهنا نقطة مهمة جدًا، وهي شاهد في مواقع التواصل الاجتماعي بطرح «بوست» أو منشور، نرى مجموعة تدعوك بشكل أو بآخر بالنشر والدعوة للحضور لشخصيات لا وزن حقيقي لها إلا التشويش والادعاء بالعلم والفهم والوعي.
دعونا نعطي للعقل مجالا للتفكير، ونقول: ما هي المصلحة من التضخيم والتلميع والسعي في التضليل الإعلامي، وبما أن أغلب المجتمعات الإسلامية دينية الذوق فمن السهل الخداع والزج بها في أحادية الرأي، لقد جاء كلام «ابن رشد» في محله قبل مئات السنين وهو يقرأ ذلك البيئة الاجتماعية التي عاش فيها، بالقول إذا أردت أن تتحكم في جاهل فعليك أن تغلف كل باطل بغلاف ديني فيظهر وكأنه الحق.
يمتاز «المطبلين» بعلامات وامتيازات واضحة، منها على سبيل المثال التضحية بالوقت وأحيانًا بالمال، ولهذا من المهم أن ندرك أن البعض منهم لديه مصالح مشتركة للتسويق الإعلامي والحث على التعاون معهم، كونهم رجال الخير والصلاح، ومنهم الأغبياء وهم الكثرة لا ناقة لهم ولا جمل.
«التطبيل» هو المدح الزائد فوق الحد المعقول، يعطي صاحبه نوعًا من السخرية وعدم الاحترام، كن حرًا في قرارك وفي فكرك وفي منطقك، وإياك والسقوط في مستنقع التلميع والتنظيف الإعلامي.