التنمر غياب للإنسانية
قال الله تعالى لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ» 25 سورة النحل
لم يعد ظاهرة عرضية يمكن مواجهتها بسهوله وزرع مفاهيم اجتماعية ايجابية وتوليد سلوك إنساني سوي وهو يحاصر المجتمعات ويمنعها من ممارسة أبسط الحقوق والحريات الشخصية والمجتمعية ويجبرها على قبول سلوك وعادات ويزيد عليها الخناق ويجعلها في حالة اغتراب والصراع بإسم القيم والعادات والتقاليد بين ما كان وما سوف يكون ويقف حائل بين أحاسيس ومشاعر وأفكار وقيم المثقف والعالِم والمرأة والصغير والكبير وكلما هو حضاري.
فالمتنمر يعيش حالة من القلق والحيرة والشك والبحث عن الأنا ولا يقبل النقاش وهو في حالة صراع دائم وضياع شديد متجاهلاً هذا الأمر الذي يدخله في حالة ظلام، كما يدخل المجتمع في ليلٍ ليس له نهار، فهل تقف متفرجا على من يمارس التنمر المجتمعي بعدر إن مجتمعنا له خصوصية والوضع اصبح عاماً ولا يكاد يخلو مجتمع من هذا الحال؟!
يمكننا أن نطلق على هذه الظاهرة اللاإنسانية ونصنفها على أنها مرض نفسي أو اجتماعي أو عضوي، وبيان حقيقة ذلك يرجع إلى حالة الإغتراب النفسي والسلوكي والشحن الداعي لموت الحياة وعجز الأسرة والمجتمع ومناهج التعليم وقوى ومؤسسات المجتمع المدني والمثقفين والإعلام والمراكز الأسرية والصحية على إدارة هذا السلوك وتقصيرهم بمعالجة التنمر المجتمعي عبر ايجاد مفاهيم لتصحيح الابعاد المتعددة.
* البعد التربوي:
مصدر الأمان والاستقرار لأفراد الأسرة إلا إنها قد تكون مصدر الألم والشقاء للإنسان ولتصحيح المسار التربوي من خلال الأسرة منذ التنشئة الأولى في المنزل وكيفية التعامل الأبوي مع هذا الطفل المتنمر بتزويده بالقيم والمبادئ وتنمية الشعور بإحترام الآخر وتأسيسه بمهارات حياتية في جميع مراحلها وهي تشغل حيز كبير من وقتنا وتفكيرنا لذلك نحن كآباء مربين ومثقفين واعلاميين تقع علينا المسؤولية الأولى في صناعة الأجيال القادمة التي هي نواة المجتمعات والاوطان.
* البعد السلوكي:
هناك من يساهم بشكل مباشر وغير مباشر في صناعة السلوك العام عند المتلقي عبر الإعلام والمدرسة والأصدقاء والمسجد في ترسيخ التنمر المجتمعي بنشر الصراع واعطاء الإختلافات الفكرية والثقافية والمناطقية والقبلية والعقدية عذرا للتيه في نزاعات أولها الكلمة وآخرها لا يحمد عقباه، وهناك كلمة مشهوره تتناقل هي النار من عودين تورا والحرب أولها الكلام، هذا لا يعني أن يترك المتنمر للقيام بما يريد من تصرفات ولا يعني استخدام القسوة والإزدراء والتهميش لافتقارنا لغة الحوار والتفاهم المتجانس معه، إنما نبحث عن سبل ومهارات لعلاج هذه الحالة بناءً على المفاهيم والمعارف والتثقيف السليم مع العلم قد يكون في الجزء العام هي حالة مرضية جسدية أو سلوكية نفسية عند المتنمر، لذلك يجب ان يكون هناك دور واضح عند الجهات التي يجب أن تتدخل في هذا الشأن والجهات التي يلجأ لها لعلاج المتنمر ومن يمارس عليه التنمر المجتمعي.
*البعد القانوني:
نعلم أن التنمر هو سلوك عدواني ونوع من العنف يمارسه كلاً من موقعة ومكانته الزما كانيه لذلك يجب أن يكون القانون واضح لمن يمارس هذا التنمر، فما هو الاسلوب المتخذ في حقة؟ حتى يكون رادع لمن يتجرأ ويطعن في الآخرين ويقلل من شأنهم ويتهمهم بأشنع الأوصاف في الإعلام أو الوظيفة، وغيرها من الأماكن العامة والخاصة بعذر أن التنمرسحابة داكنة لوجود حالة أصبحت عامة في كثير من المجتمعات والظلم الإجتماعي بصورة صارخة في مرحلة من التاريخ الإنساني هو من أوصل هذا المتنمر إلى العيش في حالة الإغتراب والإنحطاط الأخلاقي وانتهاك للحرية الشخصية وممارسة التنمر لمواصلة العنف في كثير من الاحيان بجميع أشكالها اللفظية والخطية والجسدية والتسلط الكتروني والتميز العنصري بدءاً من المنزل والوظيفة والمجتمع فأصبح يمارس التنمر بمبررات يطلق عليها أعراف وقيم بشرية. لا ليست هي من اليقينيات المطلقة، والوثوق بها يحتاج إلى قواعد عقلية شرعية نعيشها بتفاصيلها فكيف إذا كانت من الأسطورات والنقليات الغير موثقة لا بدليل ولابحجة وهذا من المفارقات بين ما يدعون له ويمارسونه في الواقع على جميع المستويات الفكرية والسلوكية وحتى في جزئيات العقيدة.
هذا صراع قد يهز كيانك العقلي وضميرك الوجداني، خصوصاً إن كنت مدركاً لتحولات فعليك الإستعداد للمزيد من الإهتزازات وأنت تتابع كل متحول في حياتك اليومية على مستوى المفاهيم والأخلاقيات الأكثر جسارة التي تخضع إلى حد كبير لمظاهر القمع والإستبداد على مستوى القول والفعل.
إن السعي لدراسة أي متحول أو ظاهرة مجتمعية سيكون له أثر ايجابي في المتغيرات المفصلية على الحياة ومن يتبنى ذلك سيكون في مرمى سهام الآخرين توجه له اسماء وصفات ومضامين غير محببة، علماني، لاديني خرج من عباءة الاسلام جاهل غرته الدنيا بمختلف وظائفها ضناً منهم إن هذا التشوية قد يحبط رغبة الإنسان في السعي لممارسة حقه الطبيعي ضد التأثيرات المشوهة والتسلط على التفكير بعبارات مبتذله تغذي حالة التنمر المجتمعي وتحقير ما شهده العالم من اكتشافات نتاج لتحرير العقل وانطلاق الحركة الفكرية العلمية الحضارية في العالم الذي جعل من العقل يلهث وراء المعرفة المتلاحقة في سرعة فائقة.
إن التصدي للظواهر المحبطة والمؤثرة على المعنويات يعزز ويقوي سائر العناصر الداعمة لتشكيل إرادة تساهم في دفع عجلة الحياة وإعادة صياغة كثير من المفاهيم الإيجابية التي تعبر عن إدانة كل سلوك سلبي يحط من إرادة المجتمع ويدعوه للإعتزال والتقوقع في دائرة الماضي وما حدث فيه من خلافات والتمترس خلف أفكار وتقاليد مضللة ومضلة، ولعب دور الضحية التي لايمكن حل مشاكلها أو مواجهتها إلا بالتنمر والعنف، وهذا من أشد الجروح ألماً عند انتصار هذه الأفكار والتنازل للرأي الجمعي دون حق وعلم ومعرفة وانقيادا أعمى وخنوع وموت للقيم.
هذا مؤشر عن وجود خلل إجتماعي يتطلب جهود مضنية وكبيرة مختصة لمعالجة كثير من السلوكيات عبر مرسل ورسالة وقناة إرسال ومرسل إليه، على أن تكون تلك الرسالة واضحة وحازمة وصريحة تومن بالحوار والتعددية في جميع جوانبها والإنفتاح على العالم الذي أصبح مقياس نمو الدول والمجتمعات بمقدار وجود وتطبيق الشروط الأساسية المتعلقة بحقوق الإنسان المدنية والإجتماعية والإقتصادية تحت راية الوطن الذي يجمع ويلملم وحدته وكلمته والتقصير والتفريط في ذلك هو إتاحة المجال للمتنمر الإستمرار في الصراع والبقاء على الخطأ ضناً منهم أن التنمر والعنف والاقصاء هو وسيلة مشروعة والإنفتاح والحوار والتسامح والتعايش هي سبل لا مبرر لها في منهجهم إنما التنمر والتمترس والتطرف والترهيب والإرهاب العابر للقارات بإسم الدفاع عن الإسلام هو المناهج الصحيح أي القوة ولاشي غير ذلك.
رافضين التجارب التي هم ومن مثلهم عاصرها في الماضي والحاضر بأن التنمر هو السحابة الداكنة في التاريخ الإنساني على الرغم من تصدي الكثيرين لموجهة التنمر الذي يمس بالبشرية في جميع نواحي الحياة سواء في مرحلة الطفولة أو في مرحلة الدراسة أو الوظيفة أو الأعمال الإجتماعية خصوصاً أن هناك بشر عديمي الإحساس يبثون السموم من على منابرهم ومنصاتهم واقلامها ومنطقهم يطلق سموم لموت للإنسان والحياة، بل أنهم يستخدمون المصطلحات الدينية والعلم لتشويه المصداقية وقلب الموازين والإستهتار بالعنف لوجود خلط لصالح ايديولوجية مشوهة في عالم تملؤه المخاوف والقلق على مستقبل الأجيال المقبلة وأمن الوطن، فهل نفيق من هذا النفق والغيبوبة المظلمة؟! الخطأ لا يستغرق سوى لحظات في كثير من الأحيان، لكن تصحيح المسار يستغرق سنوات طوال.
وهناك بشر يناضلون بإسهامات لخدمة البشرية ويدعون للعيش بكرامة لحماية الحقوق المصانة عقلاً وشرعاً وقانوناً وهذه الإسهامات تعد مسؤولية مجتمعية وهي من العوامل الضرورية لنماء وتقدم المجتمعات كما أنها تلعب دوراً مهم على مستوى إدارة الصراعات والنزاعات وتحييد التوجهات الغير مسؤولة والعمل على إخضاع الجميع تحت راية الوطن والقيم السماوية الإنسانية التي جاء بها نبي الرحمة ”إنما بعثت لتمم مكارم الاخلاق“
فالشارع المقدس يوكد على احترام حقوق الإنسان ونبذ التنمر والعنف والتطرف بجميع أشكاله والعمل بالمساواة والقبول بالعيش المشترك وتدعوا كل البشرية على إختلاف ألوانهم ومشاربهم إلى الخروج من العزلة والتقوقع ورفض جميع الممارسات اللاإنسانية ونبذ التنمر والعيش بسلم وسلام.