آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

أنا في إجازة!

سوزان آل حمود *

لقد جعل الله سبحانه الليل والنهار ظرفيْن للحياة وما اكتنفته من الأعمال والأقوال.

وليست الإجازة الصيفية إلا نموذجًا من ذلك، بل هي فرصة للراحة المشروعة ووقت للاستجمام المأذون وفرجة يبتعد من خلالها الإنسان عن ملل الحياة وسأم الدراسة أو الوظيفة.

لكل فصلٍ من فصول العام جمالٌ يُميزه عن غيره ويجعل القلوب تتعلق به، من عادة الطبيعة أن ترتدي أثوابها المختلفة بما يتلاءم مع فصول العام، ففي كل فصل جمال الطبيعة، فهي متصالحة مع دوران الشمس وتعاقب الفصول، ولا تخلف مواعيدها أبداً، ولكل بلد جمالٌ متفرّد متميزٌ، لا يُشبهه أي جمال ولا يُوازيه في الروعة أي بلد، لما يتصف به جمال الطبيعة في البلد من خلال موقعها الجغرافي.

فنرى شمسنا الخجولة وهي تُطلّ من بين الغيوم على استحياءٍ لتلسع بحرارتها ارضنا الحنونة فتجعلها متمردة تريد ان ترحل من مكانها وتتمرد على الطبيعة وتصرخ مستغيثة ارحلي الى بلد اخر لكي يستمتع الناس بصيف لطيف، يكسوه نسمات هوائه بنكهة خاصة.

وعند التأمل في الكون العظيم نجد آيات الله شاهدة على عظمته في كل مكان.

إن الطبيعة غذاء الروح بالنسبة للإنسان، فكما إن الإنسان كائنً حي وله حواس يدرك ويشعر بها، فأن الطبيعة ذات حساسية في ذاتها لان لكل كائن حي خاصية يتميز بها.

جاءت الإجازة وما أدراك ما الإجازة، فماذا سنفعل بالوقت يا عباد الله؟

الدنيا ثلاثة أيام: أما الأمس فقد ذهب بما فيه، وأما غداً فلعلك لا تدركه، وأما اليوم فهو لك فاعمل فيه.

يا ابن آدم إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك. إن اغتممت بما ينقص من مالك فابك على ما ينقص من عمرك.

كان بعضهم إذا أطال الناس الجلوس عنده قال: أما تريدون القيام؟ إن الشمس لا تمسك عن الجري.

فما أشد جهالة من يقول: تعال نقتل الوقت، طفشانين، لا ندري ماذا نفعل، ما أشد التفريط والحسرة لمن ضيع عمره فيما لا ينفعه.

إنا لنفرح بالأيام نقطعها *** وكل يوم مضى جزء من العمر

لماذا لا يوجد لدى كثير من الناس في الإجازات هدف؟

الاجابة واضحة جداً: تقليد أعمى، يتتابعون في المهلكات، يقلد بعضهم بعضاً في ضياع الأوقات، وإذا حصل تخطيط فللمعصية في كثير من الأحيان، إهدار الوقت، نوم طويل، وسهر مضر كثير، لماذا تضيع الصلوات بالنوم؟ ويجمع ما بين الفرائض في نومة واحدة؟

إننا نحتاج إلى وقفة صادقة لإصلاح المسيرة، وتكون هذه الأوقات معمورة بطاعة الله وقضاء اجازتنا بما يرضي الله ولابأس بالترويح عن النفس بالسفر والخروج مع الاصدقاء للنزهة في امكنته البريئة ومزاورة الاهل والاقرباء والقيام بالسياحة في مناطق المملكة لكي يعرف الجيل بلده وتراثه

وبحلول الإجازة بدأ بعض الناس يعد عدته للسفر بنوايا مختلفة، منهم من يريد الدنيا ومنهم من يريد الآخرة، ولكن الله تعالى بيّن أن من لم يستغل وقته في طاعة ربه فهو في خسران مبين، كما قال تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ. إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر: 1 - 2 - 3]،

فلابد إذًا من الاهتمام بالوقت، واستثمار الإجازة بأمثل ما يكون نضجًا ووعيًا، فالإنسان - وخاصةً المسلم - ثروته الحقيقية تتمثل في وقته.